هذا واحد من خمسة أمور يجوز أن تفعل بالأسارى، وإنما نص عليه لقول بعض أهل العلم لا يقتل الأسير، والأسير في الأصل هو من يشد بالإسار وهو القد من الجلد، بكسر القاف، ثم أطلق على كل أخيذ، شد أو لم يشد، ويجمع على أسرى، وأسارى بضم الهمزة وفتحها، والأعلاج جمع علج بكسر العين، وهو الرجل من كفار العجم.
والمعنى أنه يجوز قتل من أسر من الأعلاج، ولا مفهوم له، فإن غيرهم من العرب مثلهم، والإمام مخير فيهم بين أمرين: القتل والإبقاء، فإن قتلهم فذاك، وإن أبقاهم فله أن يسترق، وأن يفاديهم بمال أو بأسرى مسلمين عند الكفار، وأن يضرب عليهم الجزية، وأن يمن عليهم، والتفويض إلى الإمام بحسب المصلحة، قال الله تعالى: ﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا (٤)﴾ [محمد ﷺ: ٤] والمذكور هنا ثلاثة هي القتل والمن والفداء، وإنما لم يذكر القتل فيما بعد الإسار، لأنه ذكر قبله، وقد يكون عدم ذكره لكونه مفضولا بعد الأسر إلا لمعنى خاص به، كشدة إيذاء الأسير للمسلمين أو نحوه، وقد قال بعض أهل العلم لا يقتل الأسير، والصواب: أنه قد يقتل كما قتل النبي ﷺ عقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحارث يوم بدر، وابن خطل وقد كان متعلقا بأستار الكعبة كما في الصحيح (خ/ ٣٠٤٤) عن أنس بن مالك، وقد ثبت عنه المن على ثُمامة بن أَثال الحنفي وكان أسيرا في يده فأسلم، وفادى أسارى من المسلمين بجارية كانت عند سلمة بن الأكوع، وهذه الأوجه إنما هي بالنسبة للرجال المقاتلين، أما الذراري والنساء فيخير الإمام فيهم بين ثلاثة: الاسترقاق والمن والمفاداة، ومما يدل على أن الذي ينبغي أن يراعى في ذلك هو مصلحة المسلمين، وقد تختلف من وقت لآخر قول الله تعالى يعاتب أصحاب رسول الله ﷺ فيما أقدموا عليه بعد غزوة بدر من قبول مفاداة