٣٤ - «ثم يصلي الشفع والوتر جهرا، وكذلك يستحب في نوافل الليل الإجهار، وفي نوافل النهار الإسرار، وإن جهر في النهار في تنفله فذلك واسع».
الشفع هو ما ليس بوتر، فيصدق على الإثنتين، والأربع، وغيرهما من الأعداد الزوجية، وقد علمت أن للعشاء راتبة هي ركعتان، ثبتت عن النبي ﷺ في حديثي عائشة وابن عمر ﵃، وقد تقدم ذكرهما، والمذهب أن الوتر (بفتح الواو وكسرها) ركعة منفردة، تتقدمها ركعتان يسلم منهما، وقد قيل إن الركعتين قبله شرط صحة فيه، وهو الذي رجحه الباجي، وقيل شرط كمال، وهو ما في مختصر خليل، واختلف هل يخصهما بنية، أو يصح الوتر بعد أي ركعتين؟، والظاهر أنه يصح الإيتار بركعة غير مسبوقة بشفع، لكن لم يشح المسلم على نفسه إلى هذا الحد؟، كما أن الظاهر ولو قيل بشرطية الركعتين قبل الوتر أنه لا تشترط لهما نية خاصة لقول النبي ﷺ:«صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم فوات الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى»، متفق عليه من حديث ابن عمر، والدليل منه فيما ظهر لي؛ أن خشية طلوع الفجر يمكن أن تحصل والمرء يصلي، ويمكن أن تحصل وهو خارج الصلاة، فإذا حصلت وهو يصلي؛ فلا يمكنه تخصيص الركعتين بنية لفوات محلها، فيتم المراد من الاستدلال.
والمذهب استحباب الجهر بنوافل الليل، والإسرار بنوافل النهار، وقد كان النبي ﷺ يجهر ويسر في الليل كما صح من حديث عائشة، ومن ذلك حديث ابن عباس ﵄ قال:«كانت قراءة النبي ﷺ على قدر ما يسمعه من في الحجرة وهو في البيت»، رواه أبو داود (١٣٢٧)، والحجرة صحن البيت، كما في عون المعبود، ومنها حديث أبي هريرة عنده أيضا قال:«كانت قراءة النبي ﷺ بالليل يرفع طورا ويخفض طورا»، والمعنى أن ذلك بحسب الحال، من كونه خاليا أو مع غيره، ومنها حديث أبي قتادة في مروره ﷺ بأبي بكر وهو