١١ - «ثم يغسل يده اليمنى ثلاثا أو اثنتين، يفيض عليها الماء، ويعركها بيده اليسرى، ويخلل أصابع يديه بعضها ببعض، ثم يغسل اليسرى كذلك، ويبلغ فيهما بالغسل إلى المرفقين، يدخلهما في غسله، وقد قيل إليهما حد الغسل، فليس بواجب إدخالهما فيه، وإدخالهما فيه أحوط، لزوال تكلف التحديد».
تقديم اليمين على اليسار معلوم من هدي النبي ﷺ، فإنه كان يحب التيامن في شأنه كله، وثبت تقديم اليد اليمنى والرجل اليمنى على اليسرى منهما في الوضوء، وأمر بذلك في غسل الميت، وقال:«إذا لبستم وإذا توضأتم فابدأوا بميامنكم»، رواه أبو داود (٤١٤١) وابن ماجة (٤٠٢) وغيرهما من حديث أبي هريرة، وقد صححه جمع من الحفاظ.
وقوله «يغسل يده اليمنى ثلاثا أو اثنتين»، قال أبو الحسن في شرحه كفاية الطالب الرباني:«انظر لأي شيء خير في غسل اليدين، ولم يخير في غسل الوجه والرجلين»؟.
قلت: لعل ذلك للفرق بين اليدين والوجه في حاجة الأخير إلى مزيد عناية للاستيعاب، لكونه غير مسطح كاليدين، يدل عليه أنه ثبت أن النبي ﷺ غسل وجهه ثلاثا ويديه مرتين، كما في حديث عبد الله بن زيد المازني الصحيح وهو في الموطإ أول كتاب الطهارة، ثم يقال إنه ورد عن الإمام ما يدل على رغبته عن الاكتفاء بالمرة الواحدة لكون ذلك لا يستوعب غالبا، وإنما يفعله العالم، فلعل كلام المؤلف فيه إشارة إلى هذا الأمر، قال ابن حبيب عن مالك:«ولا أحب الواحدة إلا من العالم بالوضوء، ولا أحب أن ينقص من اثنتين»، وانظر هذا مع ما ثبت من توضئه ﷺ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثا ثلاثا، وفعله قدوة.