وحد غسل اليدين المرفقان، بفتح الميم وكسر الفاء، وبالعكس، وفي دخولهما في غسل اليدين، ودخول الكعبين في غسل الرجلين قولان: الأول رواية ابن نافع عن مالك، قال:«وليس عليه أن يجاوز بالغسل المرفقين والكعبين في الوضوء، وإنما عليه أن يبلغ إليهما»، ووجهه أن إلى تفيد الغاية، وما قبل الغاية مخالف لما بعدها، والمشهور وجوب غسل المرفقين والكعبين، وإليه نحا ابن القاسم في المدونة، فتكون إلى بمعنى مع، نحو قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (٢)﴾ [النساء: ٢]، أي مع أموالكم، وهذا هو الذي ينصره دليل الفعل، فإنه في مثل هذه الحالة مبين لما أجمل في القرآن من معنى إلى، إذ كان لها أكثر من معنى بحسب ما بعدها: هل هو من جنس ما قبلها أو لا؟، ومن ذلك حديث أبي هريرة أنه توضأ فغسل وجهه فأسبغ الوضوء، ثم غسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد، ثم غسل يده اليسرى حتى أشرع في العضد، ثم مسح رأسه، ثم غسل رجله اليمنى حتى أشرع في الساق، ثم غسل رجله اليسرى حتى أشرع في الساق، ثم قال:«هكذا رأيت رسول الله ﷺ يتوضأ»، رواه مسلم، قال خليل:«ويديه بمرفقيه»، وقال عن الرجلين:«ورجليه بكعبيه الناتئتين بمفصلي الساقين»، ولبعض المتأخرين من أهل المذهب عدم وجوب إدخالهما في الغسل ذكره ابن رشد في كتابه بداية المجتهد ونهاية المقتصد، وقد روى الدراقطني والبهيقي عن جابر أن النبي ﷺ كان إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه.
والمذهب وجوب تخليل أصابع اليدين، واستحباب تخليل أصابع الرجلين، والظاهر عدم الفرق في وجوب تخليل الجميع، وليس اختصاص الرجلين بالمسح على الخفين بناهض للتفريق في هذا الأمر، ولا شدة اتصال أصابع الرجلين بعضها ببعض، مما يجعلها كالعضو الواحد.
فإن قيل: إن هذا ليس من الظاهر في الرجلين، فالجواب: أنه أيضا ليس من الظاهر في اليدين، والمعول عليه أنه قد ورد في السنة ما يدل على وجوب تخليلهما، فقد روى أبو داود (١٤٢) والترمذي (٣٨)، وقال حسن صحيح عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه قال، قال النبي ﷺ:«إذا توضأت فخلل الأصابع»، لفظ الترمذي، وهو كما ترى عموم،