وقد علّلوا ما ذكره المؤلف بأن تقليم الأظفار وحلق الشعر من الزينة، وهي للحي لا للميت، وهذا التعليل ليس صحيحا، فإن الميت يغسل ويطيب، ويكفن في الأبيض، وتجمر ثيابه، ويجعل فيها الحنوط، وثبت مشط شعر الميتة وضفره، وجعله ثلاثة قرون، كما في الصحيحين وسنن أبي داود والظاهر أن ذلك كان من النساء بعد علمهن بالجواز لأنه الأصل، كما أن الظاهر أن تغسيل الميت للتعبد وللنظافة أيضا، وكل هذا من الزينة، وعلله بعضهم بأنها أجزاء منه وأبعاض، فينبغي أن تدفن معه، فإذا أزيلت ضمت إليه، وهذا لا يتجه، فإذا جاء من الدليل ما يؤخذ منه حكم المنع، وإلا فالأصل ما ذكر، وقد ورد عن بعض السلف فعل شيء من ذلك بالموتى، أو ذهبوا إلى مشروعيته، منهم سعد بن أبي وقاص، والحسن البصري وهما في مصنف عبد الرزاق في أرقام (٦٢٢٨) و (٦٢٣٤) و (٦٢٣٥)، وفيه أيضا كراهية عطاء وأيوب وابن أبي ليلى له، كما كرهه مالك، قال في المدونة:«وأكره أن يتبع الميت بمجمرة، أو تقلم أظفاره، أو تحلق عانته، ولكن يترك على حاله، قال: وأرى ذلك بدعة ممن فعله».
أما عصر البطن فإنه من تمام تطهير الميت وتنظيفه، لكن ينبغي أن يكون برفق، وذلك قبل الشروع في الغسل، حتى لا ينزل بعده ما يلطخ كفنه، وفي مصنف عبد الرزاق (١٦٧٤) عن ابن المسيب قال: التمس علي من النبي ﷺ ما يلتمس من الميت فلم يجد شيئا، فقال:«بأبي وأمي طيبا حيا، وطيبا ميتا»، وظاهره الإرسال كما ترى، لكن رواه ابن ماجة (١٤٦٧) عن سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب قال: لما غسل النبي ﷺ، فذكره نحوه، وصححه الألباني، وذهب بعض أهل العلم إلى إعادة الغسل إذا نزل من الميت شيء، وبعضهم إلى إعادة الوضوء، والظاهر عدم الإعادة، إذ لا وجه لقياس انتقاض وضوء الميت على انتقاض وضوء الحي، فأقصى ما يمكن أن يقال أن يغسل ذلك عن الميت من جديد للتنظيف، والله أعلم.