للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحيح البخاري (٤٦١٣) عنها قالت: أنزلت هذه الآية ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ (٢٢٥)[البقرة: ٢٢٥] في قول الرجل: لا والله، وبلى والله»، ويظهر أن هذا الذي فسرت به الآية لا يمنع أن تتناول من حلف على ما يعتقده فتبين له خلافه، لعدم كسب القلب ما حلف عليه، وقد أخبر الله تعالى أنه لا يؤاخذ عباده بذلك، ونفي المؤاخذة على عمومه، فيدخل فيه عدم الكفارة.

د - اليمين الغموس، والغموس صفة مبالغة من الغمس، لأنها تغمس المقدم عليها في الإثم، أو في النار، فإن أخذ بها حق غيره؛ كانت شرا على شر، وهي من الكبائر للوعيد الوارد فيها، ومثالها أن يقول المرء والله ما رأيت فلانا، وقد رآه وهو غير ناس حين حلف على رؤيته، أو يحلف كاذبا والله لقد اشتريت هذه السلعة بمائة، وقد اشتراها بثمانين، وهذه لا كفارة فيها لعظم شأنها، والواجب التوبة منها، وفي حديث ابن عمرو عن النبي : «الكبائر الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس»، رواه أحمد والبخاري (٦٦٧٥) والترمذي (٣٠٢١) والنسائي، قال ابن الأثير: «هي اليمين الكاذبة الفاجرة كالتي يقتطع بها الحالف مال غيره، سميت غموسا لأنها تغمس صاحبها في الإثم، ثم في النار، وفعول للمبالغة»، انتهى، وفي الحديث الذي رواه أحمد ومسلم والنسائي عن أبي أمامة الحارثي عن النبي قال: «من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة، وإن كان قضيبا من أراك»، وقال مالك: «فأما الذي يحلف على الشيء وهو يعلم أنه آثم، ويحلف على الكذب وهو يعلم ليرضي به أحدا، أو ليعتذر به إلى معتذر إليه، أو ليقطع به مالا؛ فهذا أعظم من أن تكون فيه كفارة».

<<  <  ج: ص:  >  >>