٤٨ - «وفي الجراح القصاص في العمد إلا في المَتَالِفَ مثل المأمومة والجائفة والمنَقِّلَة والفخذ والأنثيين والصلب ونحوه ففي كل ذلك الدية».
ما كان من الجراح في الجسد يسمى كذلك، وما كان منها في الرأس يسمى الشجاج، والقصاص يشملهما لعموم قول الله تعالى: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ (٤٥)﴾ [المائدة: ٤٥]، وهو عام في الجراح سواء تلك التي عين الشارع لها مقدارا من المال أو التي فيها حكومة، وكيفما كان الموضع من الجسد فيقتص من الجاني المتعمد بمقدار مساحة الجرح طولا وعرضا وعمقا، كانوا يقيسونها بالمِيلِ بكسر الميم فهو مقياسهم كما قال:
إذا قاسها الآسي النطاسي أدبرت … عشيتها أو زاد وهيا هزومها
والآسي هو العالم بعلم الطب، والنطاسي الماهر فيه، والوهي الضعف، يعني أن الجرح يزداد غورا من شدة الضربة إذا قاسه الطبيب.
ومفهوم الجراح أن الضربة واللطمة إذا لم تخلف جرحا لا قصاص فيها، ومثله نتف اللحية والشارب وشعر الحاجبين، فالعمد في هذا والخطأ مستويان كذا قالوا، لكن فيها التأديب بما يراه الحاكم، وفي هذا التقييد نظر، فقد جاء عن عدد من الصحابة ﵃ خلاف ذلك قال البخاري:«وأقاد أبو بكر وابن الزبير وعلي وسويد بن مقرن من لطمة، وأقاد عمر من ضربة بِالدِّرَّة، وأقاد علي من ثلاثة أسواط، واقتص شريح من سوط وخُمُوش»، انتهى، والخموش هي الخدوش.
وقال ابن القيم ﵀ بعد ذكر من ادعى الإجماع على عدم القصاص في اللطمة: «بالغ بعض المتأخرين فنقل الإجماع على عدم القَوَدِ في اللطمة والضربة، وإنما يجب