أركان النكاح خمسة، أولها: المحل، وهو وجود الزوج والزوجة الخاليين من الموانع، ولم يذكره المؤلف لوضوحه، والثاني: الولي، والثالث: الصيغة، وهي الإيجاب والقبول من الطرفين، وهي دليل الركن الذي هو التراضي، ويغني عنها الآن التوقيع على ما يعده الموثق أو غيره من أعوان الدولة مما يكتبه فإن الإيجاب والقبول دليل الرِّضا، لكن تقديم الإيجاب والقبول على الإمضاء خير، والرابع: الصداق، والخامس: الشاهدان العدلان، لكن الشروط الثلاثة الأول لا بد منها ابتداء، فأما الصداق؛ فلا يشترط في صحة العقد ذكره، لأن نكاح التفويض جائز كما سيأتي، وإن كان يستحب تقديم شيء منه وهو أقله على الدخول، ويستدل لذلك بما رواه أبو داود والنسائي والحاكم من حديث ابن عباس ﵄ أن النبي ﷺ منع عليا أن يدخل بفاطمة ﵄ حتى يعطيها شيئا، فلما قال:«ما عندي شيء»، قال:«فأين درعك الحطمية»؟، والحطمية بضم ففتح، قال في النهاية هي التي تحطم السيوف، والصداق إن اتفق على إسقاطه؛ كان العقد فاسدا، وإن لم يذكر في العقد؛ صح، وعين قبل الدخول، فإن دخل وتنازعا مضى النكاح بصداق المثل، وسيأتي الحديث على الشاهدين.
واعلم أنه متى قيل بفسخ النكاح قبل الدخول وثبوته بعده؛ كان «من باب إعادة الصلاة في الوقت، ليُدرَك العمل على سنته، وكمال حسنه»، ذكره ابن عبد البر في الاستذكار (٥/ ٣٨٤)، يعني بذلك أن النكاح صحيح.
والولي في المذهب وصي، أو قريب، أو مولى، أو سلطان، أو مُطْلَق مسلم، والقريب مرتب فيقدم الابن، فابن ابن، فالأب، فالأخ الشقيق، فالأخ لأب، فابن الأخ الشقيق، فابن الأخ لأب، فالجد، فالعم، فابن العم، ورواية المدنيين عن مالك تقديم الأب على الابن،