حتى ينتهي إلى الحمرة الشديدة، ثم إلى ظهور قرص الشمس، ومن احاديث هذه المسألة قول النبي ﷺ: أذا ملأ الليل بطن كل واد فصل العشاء الأخرة» رواه أحمد وابن ابي شيبة عن رجل من جهينة.
ونهاية وقت العشاء ممتد إلى ثلث الليل، وهذا هو المشهور الغالب في النصوص، من حديث ابن عباس في إمامة جبريل، وحديث بريدة في بيانه ﷺ أوقات الصلاة لمن سأله، وثم أحاديث أخرى، وقيل يمتد إلى نصف الليل، دل عليه حديث أنس عند البخاري (٥٧٢)، وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند مسلم، وقد روى مالك في الموطإ من وصاة عمر لأبي موسى:«وأن صل العشاء ما بينك وبين ثلث الليل، فإن أخرت فإلى شطر الليل، ولا تكن من الغافلين»، والشطر النصف، فمن نسب هذا القول إلى مالك قبل نسبته إلى ابن حبيب؛ فقد أصاب وهو أولى، لكونه في الموطإ الذي مارسه أربعين سنة، وأخذه عنه الجم الغفير، ولعل وجه ذكر النصف والثلث في الأحاديث تقاربهما، فكان ذلك من التيسير على الناس، وعلى كل حال فهي رواية ثابتة، فالحق أن يؤخذ بها، والله أعلم.
واعلم أن المانع للنبي ﷺ من تأخير صلاة العشاء إلى نصف الليل أو ثلثه إنما هو خوف المشقة على أمته، ومثله تركه ﷺ الأمر بالسواك لكل صلاة، فإذا انتفت المشقة كان تأخيرها مشروعا، كالجماعة المنفردة التي لا يشق على أفرادها ذلك، فقد روى ابن ماجة والترمذي (١٦٧) وقال حسن صحيح عن أبي هريرة قال، قال النبي ﷺ:«لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه»، وفي صحيح مسلم وسنن أبي داود (٤٢٠) من حديث ابن عمر قال: مكثنا ذات ليلة ننتظر رسول الله ﷺ لصلاة العشاء، فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل، أو بعده، فلا ندري أشيء شغله، أم غير ذلك؟، فقال حين خرج:«لولا تثقل على أمتي لصليت بهم هذه الساعة»، والمذهب تأخير صلاة العشاء قليلا عن أول وقتها في المساجد، وقال ابن حبيب بالتأخير في رمضان أكثر من غيره ليفطر الناس، وهذا والله أعلم أمر حسان، وبهذا يظهر لك أن تقييد المؤلف التأخير إلى ثلث الليل بالعذر والشغل فيه شيء، فإن التأخير مرغوب فيه إذا انتفت العلة.
وقد جاء في الصحيح من حديث أبي برزة أن النبي ﷺ كان يكره النوم قبل العشاء