لأن ذلك لا يشرع، وفيه نظر، وأن يكون نصابا، وسيأتي بيانه، وأن يكون مملوكا لغيره، بخلاف من سرق ملكه المرهون أو المستأجر أو المودع، وأن يكون ملك الغير تاما، فيخرج الشريك إذا سرق من مال شريكه، إلا أن يُحجب عن مال الشركة، ويسرق نصابا زيادة على حصته، وأن يكون محترما، بخلاف سرقة الخمر والخنزير أو آلة اللهو نحو الطنبور، فإنه لا يقطع، لا فرق بين أن تكون لمسلم أو ذمي، غير أنه يضمن القيمة للذمي إن تلفت العين، وإلا ردها، وأن يأخذه من حرزه، واكتفى المؤلف بذكر بعض ذلك وهو النصاب والحرز لأن بعض ما ذكر من الشروط غير مختص بالسرقة، وبعضها معروف.
وحد السرقة هو قطع اليد اليمنى من الكوع، وقد جاء هذا الحد في قول الله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٣٨)﴾ [المائدة: ٣٨]، وحد القطع في الآية مجمل، ولهذا اختلف فيه، والعمدة الاكتفاء في الدماء بأقل ما قيل فيها احتياطا، وإلا فاليد في اللغة صالحة لأن يراد بحدها الكوع والمرفق والمنكب، وقد يقال إن اليد متى أطلقت كان حدها الكوع، ولذلك قيدت في الوضوء بالمرفقين، وجاءت السنة الصحيحة العملية حيث أطلقت في التيمم بأن حدها الكوعان.
أما النصاب وهو الحد الأدنى الذي يجب فيه القطع، فقد بينته السنة، إذ روى مالك (١٥١٤) والشيخان وأصحاب السنن عن ابن عمر أن النبي ﷺ قطع في مِجَنٍّ ثمنه ثلاثة دراهم»، وعند بعض قيمته ثلاثة دراهم، ورويا هما وأصحاب السنن عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن النبي ﷺ قال:«لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا»، وهو في الموطإ (١٥١٧) عنها بلفظ: «ما طال علي وما نسيت: «القطع في ربع دينار فصاعدا»، ومقدمته تدل على أنها تقصد رفعه إلى النبي ﷺ.
والنصاب في المذهب ثلاثة أشياء: ربع دينار من الذهب، أو ثلاثة دراهم من الفضة، أو ما قيمته ثلاثة دراهم من غيرهما يوم السرقة، لا يوم الحكم، لأن الأول هو وقت التعلق بالذمة، ومعنى هذا أنه يراعى في نصاب سرقة العروض قيمتها بالدرهم لا بالدينار، والظاهر في هذا العصر اعتبار القيمة بالدينار للتدنّي الكبير في الفضة، ولما فيه من الاحتياط للدماء، وربع الدينار هو ٣٠، ١ غ، ووزن الدراهم الثلاثة نحو ٩ غ، وقد ترى اختلافا بين ما هنا وما