٤٤ - «ومن كان في أرضه عين أو بئر فله منعها إلا أن تنهدم بئر جاره وله زرع يخاف عليه فلا يمنعه فضله، واختلف هل عليه في ذلك ثمن أم لا»؟.
الأرض المملوكة قد تكون مملوكة بذاتها، أو بمنفعتها كالمكتراة والموهوبة، فصاحب هذه الأرض له أن يمنع ماءه أو يبيعه إلا أن يخاف على ضياع زرع غيره، ولا مال مع صاحبه فيجب عليه أن يمكنه منه مجانا ولا يتبعه بثمنه على المعتمد، ولما كان عدم جواز منع فضل الماء لا يلزم منه منع أخذ ثمنه بَيَّنَ الخلاف فيه بقوله:«واختلف هل عليه،،،» الخ، والمذهب أنه لا ثمن عليه في ذلك ولو كان مليا، وهو ظاهر ما في المدونة.
وأقول في ختام هذه الفقرة إني كنت ذكرت لبعض أصدقائي ما جاء في النهي عن بيع الماء ومنع الناس منه، وفضل التصدق به، ومن ذلك قول النبي ﷺ:«أفضل الصدقة سقي الماء»، رواه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم عن سعد بن عبادة ﵁، فنفعه الله بهذا الحديث، فلا تكاد تراه يسافر إلا ومعه الماء يعطيه لمن يمر به من العمال والرعاة ونحوهم، ولا يكاد منزله يفرغ من الماء المعبإ يعطي من يزوره ويزوده به فجازاه الله خيرا، ورزقنا العلم بما نتعلم قال مالك: أدركت الناس وما يعجبهم القول ولكن يعجبهم العمل، وكان السلف يقولون: العلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل، وروى الطبراني عن أنس ﵁ أن سعدًا أتى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، إن أمِّي توفيت، ولم توص، أفينفعها أن أتصدق عنها؟ قال: «نعم، وعليك بالماء".