صلاة الصبح تكبيرا عاليا ثلاثا، قال وهو قديم من شأن الناس»، انتهى، وانظر الفتح (٢/ ٤٢٠).
وإنما ذكرت هذا لأن بعض الناس عندنا يستدلون به على ما يفعل في بعض المساجد من الذكر الجماعي جهرا فيشوش به على المسبوقين، والمتنفلين، وقد قال مالك عن ذلك في العتبية:«إنه من الأمر المحدث»، وظاهر كلام ابن عباس أنه لم يكن معمولا به في الوقت الذي قال فيه هذا الحديث، وإلا ما ذكر ذلك، فإنه لو كان الأمر في وقته مثل ما كان الأمر الذي ذكره ما كان في كلامه فائدة، ولذلك حمله الشافعي على أنهم جهروا به وقتا يسيرا لأجل تعليم صفة الذكر، فمن استدل به على ما يفعل في بعض المساجد اليوم من رفع الأصوات بالذكر وقراءة القرآن؛ يرد عليه بما يشير إليه قول ابن عباس راويه، وهو ما كان سائدا في زمان خير القرون، وقد قال ابن عبد البر في جامع بيان العلم (٢/ ١٦٦ و ١٦٧) وهو برمته في كتابي المخرج من تحريف المنهج ص (٣٥): «طلب العلم درجات ومناقل ورتب، لا ينبغي تعديها، ومن تعداها جملة؛ فقد تعدى سبيل السلف ﵏، ومن تعدى سبيلهم عامدا ضل، ومن تعداه مجتهدا زل،،،،».
واستعمال الأنامل في عد التسبيح وغيره مما تقدم؛ هو المشروع، فقد جاء الأمر به في السنة القولية والفعلية، فروى أبو داود (١٥٠١) عن حميضة بنت ياسر عن يُسيرة، أخبرتها أن النبي ﷺ أمرهن أن يراعين بالتكبير والتقديس والتهليل، وأن يعقدن بالأنامل، فإنهن مسؤولات مستنطقات»، ورواه الترمذي (٣٤٨٦) بنحوه، وقولها «يعقدن»، المراد يعددن، و «الأنامل» جمع أنملة مثلثة الهمزة والميم؛ هي رؤوس الأصابع، وتطلق على بقية أجزاء الأصبع، و «مستنطقات»؛ اسم مفعول، أي مأمورات بالنطق، فتتكلم لتشهد لمن فعل ذلك بخلق الله تعالى النطق فيهن، وفيه الحض على حساب تلك الأذكار بالأصابع لما في ذلك من شهادتها للفاعل، وروى أبو داود (١٥٠٢) من طريق عبيد الله بن عمر بن ميسرة، ومحمد بن قدامة في آخرين عن عبد الله بن عمرو قال:«رأيت رسول الله ﷺ يعقد التسبيح»، وفي رواية ابن قدامة:«بيمينه»، وهو في سنن الترمذي (٣٤١١) وقال حسن غريب، وليس فيه ذكر اليمين.