١٢٥ - «وفرض على كل مؤمن أن يريد بكل قول وعمل من البر وجه الله الكريم ومن أراد بذلك غير الله لم يقبل عمله والرياء الشرك الأصغر».
الإخلاص من خلص الشيء يخلص خلوصا وخلاصا إذا كان قد نشب ثم نجا وسلم، وخلصه وأخلصه وأخلص لله دينه أمحضه، انتهى كذا في اللسان، فالإخلاص يدل على صفاء الشيء وعدم اختلاط غيره به، وهذا موجود في الإخلاص بمعنى التوحيد، لأنه يقتضي أن لا يشرك بالله غيره في إلهيته أو في ربوبيته، وهو في الإخلاص في العمل بحيث يريد الفاعل به وجه الله وحده، والإخلاص بمعنييه مناط اعتبار الأعمال وقبولها، وانتفاع أصحابها بها إذا أفضوا إلى ما قدموا، فإن الله تعالى لا ينظر إلى أجسامنا ولا إلى صورنا لكن ينظر إلى قلوبنا وأعمالنا، قد يظهر من أعمال المرء الكثير الذي يملأ السجلات، ثم يكون خالي الوفاض إذا قَدِمَ على ربه يوم تبلى السرائر وتفضح الضمائر، قليل العمل مع الإخلاص يكفي، وكثيره مع انتفائه لا يغني، العمل المقبول هو ما حاز شرطين أن يكون صوابا وأن يكون خالصا، فإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل، وإذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، والصواب ما وافق السنة، والخالص ما ابتغي به وجه الله تعالى، وموافقة السنة تكون بالتعلم، لكن الإخلاص لا يكفي فيه التعلم، لا بد فيه من المجاهدة الدائمة للنفس، والمقاومة الطويلة للميول والرغبات في حب الظهور، وتطلب المحامد، وسماع الثناء، وذيوع الصيت، ومما أثر من دعاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ﵁ قوله:«اللهم اجعل عملي كله صالحا، واجعله لوجهك خالصا، ولا تجعل لأحد فيه شيئا»، انتهى، والعلم بالله تعالى وبأسمائه وصفاته ويقينُ المرء بأنه يعلم سره ونجواه وأن المظاهر لا تنفعه لأنه واقف بين يديه معروضة أعماله عليه، كل هذا مما يقود إلى الإخلاص، فلا ينخدعن أحد بأن عمله قد استوفى كافة أركانه وشروطه متى لم يحقق فيه الإخلاص لربه،