٦٢ - «وتأخير رأس المال بشرط إلى محل السلم أو ما بعُد من العقدة من ذلك».
هذه هي الصورة الثانية من الدين بالدين، وتدعى ابتداء الدين بالدين، فقوله «من ذلك»، خبر وقوله:«وتأخير رأس المال»، هو المبتدأ أي أن من الدين بالدين هذه الصورة، وإنما ذكر المؤلف مثالا من بيع السلم لأنه بصدد الكلام عليه، وهو أن يؤخر رأس مال السلم أكثر من ثلاثة أيام، وقد تقدم ما في ذلك، أو يؤخره إلى مَحِلِّ السلم بفتح الميم وكسر الحاء، أي حلول وقته وهو أجله المضروب في العقد، وإذا كان تأخير العوض أكثر من ثلاثة أيام هو من بيع الكالئ بالكالئ فأحرى أن يمنع ما يفعله كثير من الناس من التبايع بالكلام، وكل من الطرفين لا يسلم للآخر العوض، فهذا ليس بيعا أصلا، وأقصى أحواله أن يكون وعدا بالبيع، وعلة منع ابتداء الدين بالدين ما فيه من شغل الذمتبن معا، وقول المؤلف بشرط، هو قيد في اعتبار تأخير رأس مال السلم من الدين بالدين، ومفهومه أنه إن أخر من غير شرط جاز، ولأهل المذهب تفصيل في هذا الذي يجوز من التأخير، بل يقولون إن رأس المال إذا كان حيوانا جاز تأخيره ولو إلى مَحِلِّ السلم، واختلف في جواز تأخير العرض، أما النقود فقد اتفقوا على عدم تأخيرها إلا ما سبق من الأيام الثلاثة، ولم أقف لهذا التفصيل على دليل، والأصل في جميع أنواع رأس مال السلم التقديم لغة وشرعا فمن قال بخلاف ذلك فعليه الدليل.