فأما المصيد؛ فيشترط في جواز أكله أربعة شروط أن يكون مرئيا، احترازا من غير المعين، إلا أن يكون في مكان محصور كالغار والغوطة، سواء علم الصائد بوجوده أو لم يعلم، وقد ورد العموم بحل ما أمسك الجارح على صاحبه من غير تخصيص كما في حديث عدي الصحيح:«فكل ما أمسك عليك»، والشرط الثاني أن يكون مما يؤكل لحمه، والثالث أن يكون وحشيا، احترازا مما يند من الإنسي، فإنه لا يحل بما يحل به الصيد، والرابع أن لا يكون مقدورا عليه، احترازا مما إذا قدر على الصيد، كأن يقبض عليه، فلا يقال إنه يجزئ فيه ما يجزئ في الوحشي، بل يتعين أن يذكى كالإنسي.
أما الصائد فيشترط فيه أن ينوي حال إرسال الجارح، أو حين الرمي، وأن يسمي الله، وأن يكون مسلما، فلا يحل صيد الكتابي، إذ إن الذي أحله الله لنا إنما هو ذبيحته، وحل الصيد خاص بنا، لقوله تعالى: ﴿تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ﴾ [المائدة: ٩٤]، لكن هذا إنما هو في صيد البر الذي يشترط فيه ما رأيت، بخلاف صيد البحر، فإنه لا يشترط فيه أي نوع من أنواع الذكاة، فكانت ذكاته أخذه، ولا فرق بين آخذ وآخذ، قال مالك:«ولا بأس بأكل الحيتان يصيدها المجوسي، لأن رسول الله ﷺ قال في البحر: «هو الطهور ماؤه، الحل ميتته»، وإذا أكل ذلك ميتا؛ فلا يضره من صاده»، والرابع أن يكون الصائد مميزا، فلا يباح أكل ما صاده الصبي غير المميز، ولا المجنون، ولا السكران، لكون النية شرطا في الحل كما تقدم في الذبح والنحر، فإذا توفرت هذه الشروط؛ حل للمسلم أكل الصيد الذي قتله الجارح، أو مات من الرمي كما سيأتي.
ونقل عن الإمام مالك ما هو ظاهر في تحريم أكل صيد غير المسلم، قال القرطبي في تفسيره (٦/ ٧٢): «جمهور الأمة على جواز صيده غير مالك، وفرق بين ذلك وبين ذبيحته وتلا: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٩٤)﴾ [المائدة: ٩٤]، قال:«فلم يذكر الله في هذا اليهود ولا النصارى».
وقال ابن وهب وأشهب:«صيد اليهودي والنصراني حلال كذبيحته»، انتهى، لكن