٢٠ - «والرؤيا الصالحة جزء من ست وأربعين جزءا من النبوة ومن رأى في منامه ما يكره فليثفل عن يساره ثلاثا وليتعوذ من شر ما رأى، ولا ينبغي أن يفسر الرؤيا من لا علم له بها ولا يعبرها على الخير وهي عنده على المكروه».
تقدم كلام المؤلف على الرؤيا، وقد التمس بعضهم وجها للتكرار، وهو كونه ذكر هنا وصف الصالحة ولم يذكره فيما تقدم، وقيل كرره ليستكمل ما فاته من الكلام على الرؤيا وهو تفسيرها.
والإقدام على تفسير الرؤيا من غير علم محرم، بل هو أشد من الإفتاء بغير علم، لأنه وإن اشرك الأمران معا في القول على الله بغير علم، وهو أصل الشرور كما قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣)﴾ [الأعراف: ٣٣]، إلا أن الرؤيا بما كانت جزءا من علم النبوة وهو وحي مرتبط بالغيب كانت أخص في هذا الأمر، ولأن فيها تغريرا بالرائي، إذ إنها كما يكون فيها التبشير يكون فيها الإنذار، فإن عبرها من غير علم؛ فات الرائي ما فيها له من خير يستبشر به، وما يكون له فيها من وعظ وزجر يعتبر به فيتوب، وكذلك إن غير ما يعلمه من التعبير بحيث تكون الرؤيا شرا فيقول خلاف ذلك.
والصواب إن علم خيرا أن يقوله، وإن علم غير ذلك قال خيرا إن شاء الله، أو سكت، وما جاء من قول النبي ﷺ:«الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر فإذا عبرت وقعت»، رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن أبي رزين العقيلي، فقد حمله بعض أهل العلم ومنهم البخاري على ما إذا أصاب معبر الرؤيا الأول، وهذا توجيه طيب حسن، والله أعلم.
ولا يصح أن يقص المرء رؤياه إلا على عارف بالتعبير أو ناصح، ولا يجوز له أن يقول ما لم ير لقول النبي ﷺ: «من تحلم بحلم لم يره كُلِّفَ أن يعقد بين شعيرتين ولن