به، ولو صح لكان فيه بيان لعلة الركوب، فيلتقي مع حديث أم سلمة، لكن التعليل في حديث جابر عند مسلم وأبي داود جاء بأمر آخر، وهو «ليراه الناس وليشرف وليسألوه، فإن الناس غشوه»، فدل على الركوب للحاجة.
والسنة الثالثة الدعاء في الطواف، وهو غير محدود، ولا ينبغي التزام أدعية معينة يظن أنها هي السنة، وليحذر من رفع صوته بالدعاء فيشوش على الناس، وما يفعله كثير منهم من قراءة الأدعية وحده جهرا، أو مع ترديد مرافقيه من ورائه؛ فإنه لا يشرع، وهكذا ما يزعم بعضهم من تخصيص كل شوط بدعاء كما في بعض الكتب، وقد ثبت عن النبي ﷺ أنه دعا بين الركن اليماني والحجر الأسود بقوله:«ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار»، رواه أبو داود (١٨٩٢) وغيره عن عبد الله بن السائب، كما كان يدعو بهذا الدعاء في غير الطواف، وهو في صحيح البخاري عن أنس، بل كان ذلك أكثر دعائه كما في مسند أحمد عن أنس، وقال مالك في المدونة (١/ ٣١٨): «ليس من السنة القراءة في الطواف»، وقيل لابن القاسم:«هل كان مالك يوسع في إنشاد الشعر في الطواف»؟، قال:«لا خير فيه، وقد كان مالك يكره القراءة في الطواف، فكيف الشعر»؟.
قلت: لو قرأ الطائف سرا فلا بأس بذلك إن شاء الله، فإن قراءة القرآن خير ما يتكلم به المرء، وفي الحديث المتقدم:«فمن تكلم فيه فلا يتكلمن إلا بخير»، وهذا في المباح فكيف بغيره؟، والرابع استلام الحجر الأسود أول طوافه كما تقدم، والخامس استلام الركن اليماني في أول الأشواط.
ومستحباته استلام الحجر في بقية الأشواط على التفصيل المتقدم، واستلام الركن اليماني فيها بوضع اليد عليه، من غير تقبيله ولا تقبيل اليد، فإن لم يتمكن فلا يشير إليه، وقد وروى أبو داود (١٨٧٦) عن ابن عمر قال: «كان رسول الله ﷺ لا يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر في كل طوفة»، وهو عند أحمد والحاكم نحوه، ومن المستحبات الدنو من البيت للرجال دون النساء كالصف الأول، والدعاء عند الملتزم بعد الفراغ من الطواف وركعتيه، وقيل إن هذا ليس من مستحبات الطواف لأنه يفعل بعد الفراغ منه، وقد انقضى بصلاة الركعتين، والملتزم هو جدار الكعبة الذي يقع بين الحجر الأسود وباب الكعبة،