الأماكن متى كانت الشمس عمودية على الشيء القائم، فإذا صار ظل كل شيء مثله بعد ظل الزوال؛ فذلك نهاية وقت الظهر، وبداية وقت العصر، فإذا صار ظل كل شيء مثليه بعد ظل الزوال؛ فذلك نهاية وقت صلاة العصر، فإذا غربت الشمس؛ خرج وقت العصر لأرباب الضرورات، وفي المذهب يخرج به وقتا الظهر والعصر الضروريان، ويدخل بالغروب وقت المغرب، فإذا زال أثر الشمس من الأفق وهو الشفق أعني بقية حمرة الشمس؛ خرج وقت المغرب، ودخل وقت العشاء، ويستمر إلى منتصف الليل، وقيل إلى ثلثه، ويعرف كل من النصف والثلث بقسمة الفارق الزمني بين غروب الشمس وطلوع الفجر على اثنين أو على ثلاثة حسب القولين، فإذا طلع الفجر خرج وقتا المغرب والعشاء الضروريان حسب المذهب.
وأصل المواقيت حديثان:
أولهما: حديث ابن عباس ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: «أمني جبريل ﵇ عند البيت مرتين، فصلى بي الظهر حين زالت الشمس، وكانت قدر الشراك، وصلى بي العصر حين كان ظله مثله، وصلى بي - يعني المغرب - حين أفطر الصائم، وصلى بي العشاء حين غاب الشفق، وصلى بي الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم، فلما كان الغد صلى الظهر حين كان ظله مثله، وصلى بي العصر حين كان ظله مثليه، وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم، وصلى بي العشاء إلى ثلث الليل، وصلى بي الفجر فأسفر، ثم التفت إلي فقال لي: يا محمد، هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت ما بين هذين الوقتين»، رواه أبو داود (٣٩٣) والترمذي (١٤٩) وحسنه.
قوله: وكانت قدر الشراك المراد أن طول الفيء قدر الشراك كما جاء في بعض الروايات، والشراك بكسر الشين جمعه شُرُك بضمتين، هو أحد سيور النعل التي تكون على وجهها، تربط به النعل وتشد، والمراد المسارعة بصلاة الظهر متى دخل وقتها، وقدر الشراك أقل ما يمكن أن يتبين به دخول الوقت، وقوله:«حين كان ظله مثله»، لم يسبق لهذا الضمير مرجع، إلا جبريل ﵇، لكن جاء في رواية الترمذي ما يوضح أن المراد من الضمير قامة الشيء مطلقا، فقال عن وقت العصر في المرة الأولى: «حين كان كل شيء