٥ - «والتيمم بالصعيد الطاهر، وهو ما ظهر على وجه الأرض منها من تراب، أو رمل، أو حجارة، أو سبخة».
وصف الله تعالى في كتابه الصعيد بالطيب، وهو الطاهر، أما المراد بالصعيد فهو التراب، أو وجه الأرض، قاله في القاموس، قال الزجاج عن الأخير: لا أعلم فيه خلافا بين أهل اللغة، ويطلق الصعيد على الأرض التي لا نبات فيها، كما في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (٨)﴾ [الكهف: ٨]، وقوله تعالى: ﴿فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا﴾ [الكهف: ٤٠]، فكل ما كان وجها للأرض من تراب أو رمل أو سبخة؛ فهو من الصعيد الطيب الذي يتيمم به، ودليله عموم قول النبي ﷺ:«وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا»، وهو متفق عليه من حديث جابر وقد تقدم، وما ورد في بعض الروايات من ذكر التراب؛ فإنه من التنصيص على بعض أفراد العام، فلا يخصص به، ولأن لفظ التراب لقب، فلا مفهوم له عند جمهور أهل الأصول، وقيل هو من باب حمل المطلق على المقيد، وليس بجيد.
واعلم أن في اشتراط التراب للتيمم انتقاصا من هذه الخصيصة التي للنبي ﷺ وأمته، وتضييقا على الناس لوجود أجزاء كثيرة من الأرض لا تراب فيها، فلا يتم الامتنان على هذه الأمة التي من شأن أفرادها أن يصلوا حيثما أدركتهم الصلاة، وكيف يقال في أجزاء الأرض الكثيرة المغطاة بغير التراب والحجارة كمناطق شمال وجنوب الأرض القريبة من القطبين، وهي مكسوة بالثلوج طول العام، وكذا بعض المناطق الاستوائية المكسوة بالنبات؟.
أما ما قاله الزمخشري عن قوله تعالى من سورة المائدة: ﴿فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: ٦]، وفحواه أن من في قوله