والذي يظهر لي: أن قول الإمام هذا لا يلزم منه ما فهموه من تعمير الركن بالتكبير والتسميع، فإن فيه شيئا من التكلف مع ما يؤدي إليه من الزيادة في المد في لفظ الجلالة وتمطيطه، ولأن الناس يختلفون في مدة الانتقال، وعليه فالتكبير يكون مع بداية الانتقال، وقد ترجم البخاري بقوله (باب إتمام التكبير في الركوع)، وقال مثل ذلك في السجود.
وقال الحافظ:«أي مده بحيث ينتهي بتمامه، أو المراد إتمام عدد تكبيرات الصلاة في الركوع، قاله الكرماني»، ثم ذكر الحافظ مايضعف الاحتمال الأول، وقد انتزع الحافظ بنفسه هذا الحكم أيضا من حديث البخاري (٨٠٣) عن أبي هريرة في وصفه صلاة النبي ﷺ بفعله، قال الراوي عنه:«ثم يكبر حين يهوي ساجدا»، انتهى.
أقول: وفي هذا الاستدلال كالذي قبله نظر، فقد روى أبو يعلى في مسنده من حديث أبي هريرة أن النبي ﷺ كان إذا أراد أن يسجد كبر ثم سجد، وإذا قام من القعدة كبر ثم قام»، وهو في الصحيحة للألباني برقم (٦٠٤)، وظاهر قوله:«ثم سجد»، التكبير قبل الشروع أو معه.
وفي المذهب استثناء القيام من اثنتين، فإنه لا يكبر حتى يستقل قائما، وسيأتي ما فيه، ويكبر المنفرد والمأموم سرا، روى ابن وهب عن مالك:«وأحب للمأموم أن لا يجهر بالتكبير، وبربنا ولك الحمد، ولو جهر بذلك جهرا يسمع من يليه فلا بأس بذلك، وترك ذلك أحب إلي، وأحب إلي أن لا يجهر معه إلا بالسلام جهرا دون ما يسمع من يليه».
ووضع اليدين على الركبتين جاء فيه قول عمر بن الخطاب:«إن الركب سنت لكم فخذوا بالركب»، رواه الترمذي (٢٥٨)، وقال حسن صحيح، وقوله «سنت لكم» له حكم الرفع على الصحيح، وروى أبو داود (٨٦٣) والنسائي عن سالم البراد قال: أتينا عقبة بن عمرو الأنصاري أبا مسعود فقلنا له: حدثنا عن صلاة رسول الله ﷺ، فقام بين أيدينا في المسجد فكبر فلما ركع وضع يديه على ركبتيه، وجعل أصابعه أسفل من ذلك، وجافى بين مرفقيه، حتى استقر كل شيء منه، ثم قال سمع الله لمن حمده، فقام حتى استقر كل شيء منه،،، الحديث، وقال هكذا رأينا رسول الله ﷺ يصلي»، جافى: باعد.