للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٢٥ - «ولا بأس بالانتفاع بجلدها إذا دبغ، ولا يصلى عليه ولا يباع».

مشهور المذهب أن جلد الميتة عدا الخنزير إذا دبغ يجوز الانتفاع به في اليابس والماء، ومقابل المشهور جواز استعماله في جميع المائعات، وهو قول سحنون، وقال هو وابن عبد الحكم إن الدبغ يعمل في جلد الخنزير أيضا، ووجه الأول أن الإهاب إذا دبغ إنما يطهر عندهم طهارة مخصوصة، فلا تجوز الصلاة عليه، ولا يجوز بيعه، فحملوا الانتفاع على أقل مشمولاته، ولعلهم لم يجيزوا بيعه لما فيه من التغرير، ولأنه إنما أذن لأصحاب الشاة في الانتفاع، ولو جارينا من قالوا بعدم الطهارة؛ لقلنا يجواز بيعه مقرونا ببيان حاله، وقد جمع خليل حكم هذه المسألة في قوله: «ورخص فيه إلا من خنزير بعد دبغه في يابس وماء»، وقد استدل لإخراج الخنزير بقوله تعالى: ﴿فَإِنَّهُ رِجْسٌ﴾، على القول برجوع الضمير فيه إلى المضاف إليه، أعني الخنزير، في قوله سبحانه: ﴿قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ (١٤٥)[الأنعام: ١٤٥]، واستدل على استثناء جلد الخنزير من الانتفاع بقول النبي فيما رواه أحمد من حديث ابن عباس الآتي: «ألا انتفعتم بإهابها؟، ألا دبغتموه؟، فإنه ذكاته»، قال في منتقى الأخبار: «وهذا تنبيه على أن الدباغ إنما يعمل فيما تعمل فيه الذكاة»، انتهى، قال كاتبه عفا الله عنه: هذا محتمل ظاهر فيما ذكر، وأحاديث طهور الإهاب بالدباغ مبينة أن المراد بطهارة الإهاب بالدباغ؛ العموم، لا خصوص ما تنفع فيه الذكاة، فلا تخصص بما نص عليه في تلك الواقعة.

وعمدة ما تقدم من الانتفاع بجلد الميتة في المذهب؛ ما رواه مالك (١٠٧٣) وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن عائشة أن النبي أمر أن ينتفع بجلود الميتة إذا دبغت»، وروى مالك (١٠٧٢) والبخاري ومسلم وغيرهم عن ابن عباس قال: «تصدق على مولاة لميمونة بشاة فماتت، فمر بها رسول الله فقال: «هلا أخذتم إهابها فدبغتموه

<<  <  ج: ص:  >  >>