للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٢٧ - «ويتنفل بعدها، ويستحب له أن يتنفل بأربع ركعات يسلم من كل ركعتين، ويستحب له مثل ذلك قبل صلاة العصر».

لابد أن يُشار هنا إلى فصل الصلاة عن الصلاة، وحسبُك شرا من وصل الصلاة بالصلاة أنها من فعل اليهود، وصلاة النافلة في البيوت بخمس وعشرين درجة، وقد شرّع الله تعالى لنا صلاة النافلة قبل بعض الصلوات المفروضة وبعدها، وهي التي تسمى الرواتب، وشرع نوافل مرتبة على أسباب، إذا حصل السبب فعلت، وهناك النفل المطلق الذي ليس يندرج في واحد منهما، ومن عرف أهمية الصلاة وما فيها من الأجر والمثوبة؛ أدرك ما في هذا الاشتراع من المصلحة للمكلفين، فإن الصلاة خير موضوع، فمستقل منه ومستكثر، وطول القيام فيها من أفضل الأعمال، وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وهي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وفي الرواتب القبلية استعداد المصلي للفريضة، وفيها وفي البعدية جبران لما قد يكون في الصلاة من نقص وخلل، فإن الصلاة أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة فإن نجا منها نجا، والله تعالى يأمر يوم القيامة أن ينظر هل لعبده من تطوع تجبر به صلاته، بل إن التطوع من سائر جنس الفرائض تجبر به الفرائض، فقد روى الترمذي (٤١٣) وابن ماجة عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله يقول: «إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء؛ قال الرب : انظروا هل لعبدي من تطوع؟، فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك»، وأفلح فاز، وأنجح؛ نال مطلوبه، وخاب بحرمان المثوبة، وخسر بوقوع العقوبة، والحديث فيما بين المرء وربه، فلا تعارض بينه وبين ما ورد من أن أول ما يقضى فيه بين الناس يوم القيامة الدماء، فلما كانت الصلاة بهذه المثابة، وكانت فرائضها محدودة لا يمكن الزيادة فيها؛

<<  <  ج: ص:  >  >>