١٨ - «وإن رفع يده بعد قطع بعض ذلك، ثم أعاد يده فأجهز؛ فلا تؤكل».
في هذا الأمر تفصيل لم يشر إليه المؤلف، ذلك أنه إن رفع يده وقد قطع الجلد وحده أو شيئا مما تحته مما يمكن معه أن يعيش الحيوان؛ فإن ذلك لا يضر، لأن الذبح الثاني مستقل، أما إن قطع ما تعتبر معه الشاة منفوذة المقاتل، بحيث لو تركت لم تعش، وكان الرفع طويلا؛ فإنه يضر باتفاق، ويلزم منه الحرمة، والطول بالعرف، ولا فرق عندهم بين أن يرفع اختيارا أو اضطرارا، واختلفوا إذا كان الفارق بين الذبح الأول والثاني يسيرا، فقال سحنون تحرم، وقال ابن حبيب تؤكل، وهذا هو المعتمد في المذهب، ومتى طال الفارق لزمت النية والتسمية.
واعلم أن مجرد الرفع لا يلزم منه حرمة الذبيحة، إذ لا دليل عليه، ومن رفع من غير حاجة؛ صدق عليه أنه تسبب في تعذيب الحيوان بإطالة أمد إزهاق روحه، وخالف أمر النبي ﷺ بإحسان الذبح كما تقدم، لكن هل يلزم من ذلك حرمة الذبيحة؟، لا يظهر، ومن رفع يده لأجل شحذ السكين فهو مخالف أيضا، لأنه مطالب بفعل ذلك قبل الذبح لقوله ﷺ:«وليحد أحدكم شفرته»، أما إن كانت الشاة لو تركت لم تعش؛ فهذا يمشي على مشهور المذهب من أن ما أنفذت مقاتله لا تنفع فيه الذكاة، وسيأتي ما فيه، وقد راعى علماء المذهب مسألة إراحة الحيوان، فكان المشهور أن من قطع الحلقوم ثم عسرت السكين في يده بسبب عدم تحديدها فقلبها وقطع بها الأوداج من داخل أن الشاة لا تؤكل.