١٩ - «ومن ابتاع عبدا فوجد به عيبا فله أن يحبسه ولا شيء له، أو يرده ويأخذ ثمنه».
هذا أحد أنواع الخيار الثلاثة وهو خيار العيب، ويسميه بعضهم خيار النقيصة، ولا خصوصية للعبد فيما ذكره من الحكم دون بقية السلع، وإنما خصه به لشرفه على غيره من المبيعات، فيكون ما عداه أولى بالحكم، ودليل ما ذكره حديث أبي هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال:«لا تُصَروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها: إن رضيها أمسكها، وإن سخطها ردها وصاعا من تمر»، رواه مالك (١٣٩) وأحمد والشيخان، وقوله لا تُصَروا بضم التاء وفتح الصاد من صرى المشدد، والإبل والغنم لقبان فلا مفهوم لهما، فيحرم تصرية البقر أيضا، وإنما لم تذكر لأنها لم تكن كثيرة في الحجاز، والتصرية - ومثلها التحفيل - هي جمع اللبن في الضرع، قيل إنما منعت لما فيها من التدليس على المشتري، وقيل مطلقا لما فيه من إيذاء الحيوان، والظاهر أنها علة مركبة، والحيوان الذي يصر يدعى مُصَراة، وقوله بعد ذلك أي بعد التصرية، وجه الاستدلال به قوله ﷺ إن رضيها أمسكها، وإنما قدر التعويض عن المحلوب بصاع من تمر ليقطع النزاع، كما سبق في تراد الجابي والمزكي إذا لم يوجد عنده السن المطلوب، وهنا قد اجتمع اللبن السابق على العقد مع اللاحق، وبهذا يتبين عدم صواب قول من رأى أن حديث الخراج بالضمان معارض لما في حديث النهي التصرية من إعطاء البائع صاعا من تمر في حال الرد، وأخذ مالك بالحديث يدل على تقديمه خبر الآحاد على القياس الذي يقضي برد القيمة، وقد اشتبه على بعضهم تقديم مالك القواعد العامة والأصول على بعض أخبار الآحاد كما في حديث ولوغ الكلب فظنوا أنه يقدم قياس الأصول على الخبر، وقد درج عليه صاحب المراقي، وليس كذلك، وفي الحديث دلالة على أن بعض البيوع التي