للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٦٤ - «ومن طلق؛ فينبغي له أن يمتع، ولا يجبر، والتي لم يدخل بها وقد فرض لها؛ فلا متعة لها، ولا للمختلعة».

المتعة هي ما يعطيه الزوج لمن طلقها جبرا لخاطرها المنكسر بألم الفراق، فكأنه يفارقها مع الاعتذار إليها والإحسان إليها، ويزاد في التي طلقت قبل الدخول؛ أن في المتعة تخفيفا لما قد يظن بها من السوء، وعدم الملاءمة، والمتعة بنص القرآن على قدر وسع الزوج، لقول الله تعالى: ﴿وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (٢٣٦)[البقرة: ٢٣٦]، والسياق في المدخول بها غير المفروض لها، وحكمها في المذهب الاستحباب، ولذلك لا يجبر عليها كما قال المصنف، لأن هذا شأن الواجب، وتكون لكل مطلقة بعد الدخول وقبله كذلك متى لم يفرض لها، ولا تكون للمخالعة، ولا للملاعنة، وإنما قالوا باستحباب التمتيع؛ لأن الله تعالى جعله تارة حقا على المحسنين، وتارة حقا على المتقين، والواجب لا يتقيد بواحد من الوصفين، كذا قيل، وفي اعتبار هذا الوصف صارفا للحق عن الوجوب إلى الندب نظر، ولم لا يكون المقصود من الوصفين تحريك المخاطبين وتهييجهم إلى الإحسان والتقوى وحض المطلقين على أن يكونوا كذلك مع أحكام الله؟، ومن ذلك أن يحسنوا إلى مطلقاتهم، وأن يتقوا الله في علاقاتهم بهن، وأن هذا التمتيع من شأن المتقين والمحسنين، وهو مطمح كل مؤمن برب العالمين، ومن ذا الذي يأبى أن يكون محسنا متقيا، وإن كان بفعله مخالفا؟، قال محمد بن مسلمة من أصحاب مالك: «المتعة واجبة يقضى بها، إذ لا يأبى أن يكون من المحسنين ولا من المتقين إلا رجل سوء»، ودلالة الأمر الحقيقية الوجوب، وبعده كلمة حقا فإنها تأكيد له، مانعة من حمله على الندب، ولو قالوا بوجوبها على من اتصف بما ذكر من الإحسان والتقوى؛ لكان ذلك خيرا مما قالوا لأخذهم بمفهوم الصفة، والجمهور على القول به،

<<  <  ج: ص:  >  >>