للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٧ - «ويكره في كل مسجد له إمام راتب أن تجمع فيه الصلاة مرتين».

مراده المساجد التي بها أئمة راتبون، لا المساجد التي ينتابها الناس المسافرون فيصلون، وذلك لأنه لم يكن معروفا على عهد النبي إقامة الجماعة في المسجد الواحد أكثر من مرة، مع شدة الحاجة إلى ذلك، فهذا هديه المطرد، وقد ورد أنه حضر بعد الصلاة فصلى في داره بأهله، رواه الطبراني عن أبي بكرة ولم يسلم من مقال، والصواب: الاكتفاء بأن ذلك لم يثبت عنه، فيتمسك بالترك، وهو دليل في هذا المقام، وما خالفه من أفعال بعض الصحابة والسلف ينظر فيه.

وقد روى ابن أبي شيبة عن الحسن قال: كان أصحاب محمد إذا دخلوا مسجدا قد صلي فيه؛ صلوا فرادى»، وورد أن ذلك منهم كان خوف السلطان، فيقال هذه علة منعتهم التجميع مرة ثانية، (انظر تحفة الأحوذي للمباركفوري ١/ ١٩١)، ومع ما تقدم فإن أمر الناس لا يصلح إلا بهذا، وإلا لأصبحت المساجد كل طائفة تصلي بإمامها، فيكون ذلك سببا في نشأة الفرقة التي كانت صلاة الجماعة خلف إمام واحد مقاومة لها، ففي عدم تعدد الجماعة في المسجد الواحد صيانة للأمة من دواعي التفرق والتشتت، ولو ساغ الاجتماع للصلاة في المسجد الواحد أكثر من مرة لما كان لصلاة الجماعة معنى، ولا لإدراكها وعدمه فائدة، لكن جاء في حديث أبي سعيد قال: جاء رجل وقد صلى رسول الله ، فقال: «أيكم يتجر على هذا»؟، فقام رجل فصلى معه»، رواه أبو داود (٥٧٤) والترمذي (٢٢٠) وحسنه، واللفظ له، وقوله يتجر بتشديد التاء ماضيه اتجر، أي من يشتري بالصلاة معه الثواب؟، وفي رواية أبي داود: «ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه»، وذلك لأنه يتسبب له في الحصول على زيادة ست وعشرين درجة، والحديث احتج به وبآثار عن بعض الصحابة منهم أنس بن مالك - وقد علقه البخاري في باب فضل صلاة الجماعة - على جواز صلاة الجماعة مرتين في المسجد، وهو كما ترى بإذن الإمام.

<<  <  ج: ص:  >  >>