٣١ - «ويجوز للحر والعبد نكاح أربع حرائر مسلمات أو كتابيات».
اختلف في التسوية بين الحر والعبد في عدد ما يجوز التزوج به من النساء، وحيث لم يأت نص يفرق بينهما فإن استصحاب العموم الذي في قوله تعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ (٣)﴾ [النساء: ٣] هو المطلوب، ولحديث قيس بن الحارث قال: أسلمت وعندي ثمان نسوة، فأتيت النبي ﷺ فذكرت ذلك له، فقال:«اختر منهن أربعا»، رواه أبو داود (٢٢٤١) وابن ماجة (١٩٥٢)، وفي معناه حديث ابن عمر في غيلان الثقفي حيث أسلم وتحته عشر نسوة، رواه مالك (١٢٣٨) عن ابن شهاب بلاغا، وهو في سنن الترمذي وابن ماجة (١٩٥٣)، وقد تقدم دليل حل نساء أهل الكتاب للمسلمين وهم أحرار وعبيد.
وجواز تزوج العبد أربع حرائر أو إماء هو المشهور، وهو رواية أشهب عن مالك، وروى ابن وهب عنه قصر الجواز على اثنتين قياسا على تنصيف الحد، وهو قول لعمر بن الخطاب، وعلي، ولهما مخالف من الصحابة كما في الروضة الندية (٢/ ١٩٤)، وهذه الرواية هي التي نصرها ابن العربي في أحكام القرآن، لكنه نصر مقابلها في المسالك (٥/ ٥١٤)، ووجه المشهور أن النكاح غير داخل في القياس على الحدود المنصوص على تنصيفها للأمة وللعبد إلحاقا بعدم الفارق، لأنه يسلك مسلك الملذات والتفكهات، والعبد والحر فيهما سواء عندهم، بخلاف الحدود والطلاق والإيلاء فليست من هذا القبيل، بل سلكوها في سلك العقوبات، قال القرطبي في تفسيره (٥/ ٢٣) منتصرا لغير المشهور: «وكل من قال حده نصف حد الحر، وطلاقه تطليقتان، وإيلاؤه شهران، ونحو ذلك من أحكامه؛ فغير بعيد أن يقال تناقض في قوله: «ينكح أربعا»، انتهى، وقد علمت وجه الفرق.