١٠٤ - «ويقيم الرجل على أَمَتِهِ وعبده حد الزنا إذا ظهر حمل أو قامت بينه غيره أربعة شهداء أو كان إقرار».
الذي يقيم الحد إنما هو الإمام أو نائبه، وعند فقده تقيمه جماعة المسلمين، والخطاب الموجه إلى المؤمنين قاطبة في الأحكام ومنها إقامة الحدود ليس مجيزا لخلاف هذا، وإنما المراد منه ما للمسلمين من الصلة بإقامة الدين، ومنه الحدود، ولأن حكم الله يطالب به كل المؤمنين فيشتركون في بعض ما يتعلق به، وينفرد بعضهم بشيء منه، فعلى الجميع اعتقاد وجوبه وغير الوجوب من الأحكام، وعليهم العمل على وفقه، وعليهم الدعوة إليه، وحب ملتزمه، وكراهة مخالفه، وعلى الحاكم إقامته، ومن ذلك الحدود، ولذلك لا يجوز لأحد أن يقيم الحد على نفسه كأن يقطع يده إذا سرق، بل ذلك من المحرمات بالإجماع.
ويرى كاتب هذا الشرح أن جماعة المسلمين في هذا العصر الذي تخلى فيه الحكام عن إقامة الحدود وغيرها من أحكام الله يمكن أن تقوم في صورة هيآت وجمعيات يوافق عليها الحكام ويكون نظامها الأساس مشتملا على هذا الأمر، أو غيره من الأمور التي تركت، بل إني أرى أن هذا من أعظم ما تخدم به شريعة نبينا محمد ﷺ به عمليا في هذا العصر، وأولى ما يصرف فيه اجتهاد المجتهدين، وتجديد المجددين البحث عن وسائل التمكين لها أو لشيء منها في الحياة، ينبغي أن يكون هذا الأمر هاجس العلماء الأكبر بعد أن أنفقوا من الجهود في التعليم والبيان ما تعظم به أجورهم، وترفع به منازلهم، فإن العلم الذي يبثونه منه ما يرجع امتثاله وإقامته إلى المكلف ذاته، ومنه ما لا سبيل له إلى إقامته، بل إن فروض الأعيان أصبحت مُزَاحَمَةً من الحياة العامة الناكبة عن الصراط المستقيم، فما هي جهود أهل العلم الربانيين في ميدان التمكين لشريعة رب العالمين؟، إن التعليم