للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٥٩ - «وأجل السلم أحب إلينا أن يكون خمسة عشر يوما أو على أن يقبض ببلد آخر، وإن كانت مسافته يومين أو ثلاثة، ومن أسلم إلى ثلاثة أيام يقبضه ببلد أسلم فيه فقد أجازه غير واحد من العلماء وكرهه آخرون».

أما أن المسلَم فيه ينبغي أن يكون مؤجلا فهذا ظاهر قول النبي : «من أسلف فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم»، فهل ذكر الأجل لمجرد أن تعيينه مطلوب، أو لكون بيع السلم لا يكون إلا مؤجلا، فلا يجوز السلم الحال، الظاهر عدم مشروعيته لعدم صدق السلم عليه، ولأنه لا فائدة فيه حيث لا يختلف عن البيع الحَالِّ، ولدخوله في بيع ما ليس عند البائع، وبيان ذلك أنه إن عين المبيع لم يكن سلما، وإن لم يعينه لزم أن يوصف فيكون حالا، للمبتاع الخيار إذا رآه، والقول بأنه حال ينافي البحث عنه، فإن ضرب له أجل يتمكن معه البائع من الحصول عليه خرج عن أن يكون حَالاًّ، وفي هذا من التناقض ما لا يخفى على اللبيب، أما الاحتجاج على الجواز بأنه إذا جاز بيع المؤجل مع ما فيه من الغرر فأحرى أن يجوز بيع الحَالِّ فليس بمقبول، وجوابه أن البيع إما حَالٌّ وإما مؤجل، ولا يدرى حقيقة هذه الواسطة؟.

وأما ما اختاره المصنف في الأجل وهو خمسة عشر يوما فهو ما ذهب إليه ابن القاسم، ومعتمده أنه زمن تتغير فيه الأسواق، وتغيرها هو الذي تبنى عليه المصلحة في بيع السلم والغرض منه، قال ابن القاسم في المدونة (٣/ ١٣٣): «ولقد سمعت بعض أهل العلم وهو الليث بن سعد يذكر عن سعيد بن المسيب أنه سئل عن السلم إلى يوم أو يومين أو ما أشبهه، قال سعيد: لا، إلا على أجل ترتفع فيه الأسواق وتنخفض، قال سحنون قلت: وما هذا الذي ترتفع فيه الأسواق وتنخفض، ما حده؟، قال: ما حد لنا مالك فيه حدا، وإني لأرى الخمسة عشر يوما والعشرين يوما»، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>