وقال عنه ابن القاسم:«أما الإمام فما أدركنا الأئمة إلا على تسليمة واحدة تلقاء وجهه، ويتيامن قليلا»، قيل:«فالمصلي وحده، أيسلم تسليمتين»؟، قال:«لا بأس إذا فصل بالواحدة، أن يسلم عن يساره، ومن سمع تسليم الإمام فسلم، ثم سمعه يسلم أخرى فليسلم أخرى»، فهو يرى متابعة الإمام.
وروى عنه ابن القاسم في العتبية:«إذا كان الإمام يسلم تسليمتين؛ فلا يقوم المأموم لقضاء ما عليه حتى يسلمهما» النوادر (في قضاء المأموم)، ويظهر لك جليا من هذه النقول أن الإمام مالكا قد علم بالتسليمتين، وإلا ما قال إن الفذ يسلم ثنتين، وكذلك قوله من سمع إمامه يسلم ثنتين، سلم ثنتين، لكنه مع ذلك راعى ما جرى العمل به في بلده وما عليه أئمتها، فعزف ﵀ عن مخالفتهم، وهذا كثير في مذهبه ﵀، فمن سلم تسليمتين وافق السنة الغالبة، ولم يخالف مذهب مالك عند التحقيق.
واعلم أن المتواتر عن النبي ﷺ أنه كان يسلم تسليمتين، وهو الذي كان عليه غالب أمره، قال الغماري:«ورد عنه من حديث سبعة وعشرين صحابيا»، أما التسليمة الواحدة فقد ورد فيها حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله ﷺ كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة، ثم يميل إلى الشق الأيمن شيئا» رواه ابن ماجة والترمذي (٢٩٥)، ومال إلى تضعيفه، قال الغماري: وضعفه أبو حاتم، والطحاوي، والترمذي، والبيهقي، والدارقطني، وابن عبد البر، والبغوي، والنووي، قال الحافظ:«وغفل الحاكم فصححه»، انتهى، والحديث مع ذلك صححه المحدث الألباني، وانظر حديث أنس عند الطبراني في الأوسط وهو في الصحيحة برقم (٣١٦)، قال الترمذي بعد أن ذكر أن أكثر أهل العلم من الصحابة وغيرهم على التسليمتين:«ورأى قوم من أصحاب النبي ﷺ وغيرهم تسليمة واحدة في المكتوبة، قال الشافعي: «إن شاء سلم تسليمة واحدة، وإن شاء سلم تسليمتين»، انتهى، ويظهر أن مراد الشافعي الإجزاء، وقد صارت التسليمة الواحدة شعارًا للولاء، وعوقب بعض الناس على التسليمتين، فَلِمَ كل هذا؟
وأهل المذهب يرون أن الرد على الإمام والمأموم سنة، بخلاف رد السلام خارج