٢ - «ويقف الإمام في الرجل عند وسطه، وفي المرأة عند منكبيها».
وقوف الإمام من الرجل عند وسطه، ومن المرأة عند منكبيها؛ هو مشهور المذهب، وهو مخالف للسنة، بعكس ما ورد فيها، قال أشهب كما في المجموعة: ويقف الإمام من الميت عند وسطه أحب إلي، وذلك واسع،،،»، وقال خليل في مندوبات صلاة الجنازة:«ووقوف إمام بالوسط، ومنكبي المرأة: رأس الميت عن يمينه»، وفي المدونة عن ابن مسعود أنه يقف من المرأة عند منكبيها، لكن قال المؤلف في النوادر (ما يجب من الصلاة على الجنازة): «ورأيت لابن غانم أنه روى عن مالك أنه يقف عند وسط المرأة»، انتهى.
قلت: هذا هو منطوق ما جاء في حديث سمرة بن جندب عند الشيخين (خ/ ١٣٣٢) وأبي داود (٣١٩٥) قال: «صليت وراء النبي ﷺ على امرأة ماتت في نفاسها؛ فقام عليها للصلاة وسطها»، ولفظ المرأة له مدخل في موضع الوقوف، وإذا كان ما هنا يحتمل أنه للستر كما قيل، فقد جاء ما ينفي ذلك الاحتمال، وهو ما رواه أبو داود (٣١٩٤) وغيره عن نافع أبي غالب - في حديث طويل - أن أنس بن مالك صلى على رجل فقام عند رأسه، وجيء بامرأة فصلى عليها، فقام وسطها، فسأله بعض الحاضرين عن اختلاف موضع قيامه من الرجل والمرأة قائلا: يا أبا حمزة، هكذا كان رسول الله ﷺ يقوم حيث قمت؟، فأجابه بنعم»، وقد علل بعضهم هذا الاختلاف في الوقوف بأنه كان لستر المرأة عن الناس، حيث لا نعش، وهو في النوادر، ولعل اعتمادهم في ذلك على زيادة عند أبي داود، قال أبو غالب:«فسألت عن صنيع أنس في قيامه على المرأة عند عجيزتها، فحدثوني أنه إنما كان لأنه لم تكن النعوش فكان الإمام يقوم حيال عَجيزتها يسترها من القوم»، وقد رد ذلك الألباني في أحكام الجنائز من أوجه ثلاثة، أحدها أن المرأة التي صلي عليها كانت في النعش، والثاني أن ذلك الكلام لا يعرف قائله، والثالث أنه خلاف ما فهمه الحاضرون كما في بعض روايات الحديث.