١٩ - «ومن عاقبه بناره أخرجه منها بإيمانه، فأدخله به جنته، ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره».
معنى ما ذكر المؤلف أن من دخل النار من المؤمنين، ممن لم يتوبوا من الكبائر حسب شروط التوبة المتقدمة، ولم ينلهم من البلاء في الدنيا ولا في عرصات القيامة ما يكون سببا في تكفير سيئاتهم، واستوجبوا العقاب بالنار، فإنهم لا يخلدون فيها كما يخلد الكفار، بل يخرجون منها بأحد أمرين: بإيمانهم بعد أن ينهوا ما كتب الله من عذابهم، أو بشفاعة الشافعين الذين يأذن الله لهم، وسيأتي ذكر الشفاعة.
فأهل الإيمان لا يخلدون في النار عند أهل السنة، بل يخرجون منها ويدخلهم الله الجنة، كما جاء في حديث الصحيحين (١) عن أنس: «يخرج من النار من قال لا إله إلا الله، وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله، وفي قلبه وزن برة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله، وفي قلبه وزن ذرة من خير»، بل صح أن الله تعالى يخرج من النار من لم يعمل خيرا قط، وذلك بعد أن يشفع الملائكة، والنبيئون، والمؤمنون، والمراد بالخير هنا ما بعد الإيمان كما في رواية أخرى.
وقد استدل المؤلف على خروج الموحدين من النار بقوله تعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧)﴾ [الزلزلة: ٧]، فإن عمل الخير من المؤمن لا يضيع، بخلاف عمل الشر فإنه قد يغفر له، كما تقدم في مغفرة الصغائر، ولا ينافي ذلك أن يكتب في