تأويلات»، وهذا عجب، فإنه لو طبق مبدأ خوف اعتقاد الوجوب؛ ما أتى المصلي بمندوب إلا وكانت الخشية من اعتقاد وجوبه مانعة له من فعله، أما الاعتماد فما أدري أين هو؟، وهل من المطلوب أن يفعل المرء ما يدل على أنه غير خاشع في الصلاة حتى ينجو من الرياء؟، هذه أعاجيب، والأحاديث الصحاح في القبض والوضع لا تخفى، وأكتفي بما رواه مالك في الموطإ (٣٧٥) وانظر خ/ ٧٤٠) عن سهل بن سعد قال: «كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة».
قال أبو حازم:«لا أعلم إلا أنه ينمي ذلك»، يعني يرفعه إلى النبي ﷺ، وفي صحيح مسلم من حديث وائل بن حجر في صفة صلاة النبي ﷺ أنه وضع يده اليمنى على اليسرى، وفي سنن أبي داود (٧٥٥) عن ابن مسعود أنه كان يصلي، فوضع يده اليسرى على اليمنى، فرآه النبي ﷺ، فوضع يده اليمنى على اليسرى»، وروى ابن نافع، وعبد الملك، ومطرف عن مالك أنه قال:«توضع اليمنى على اليسرى في الصلاة في الفريضة والنافلة»، وهو في النوادر (جامع العمل في الصلاة) والاستذكار (٢/ ٢٩١)، وهذا قول المدنيين من أصحابه، وروى عنه ابن القاسم كراهته في الفرض، وجوازه في النفل من طول القيام، وهي رواية شاذة مخالفة للنصوص مع ما تحتمله من التأويل، بل إن المشهور هو القبض، كما عبر عنه القرافي، وعبر عنه عبد الوهاب بالمذهب، وابن العربي بالصحيح، وابن رشد بالأظهر، واللخمي بالأحسن، والأجهوري بالأفضل، والعدوي بالتحقيق، والمسناوي أثبت أنه الراجح، وأنه أيضا المشهور، فاجتمع فيه الأمران، أشار إلى ذلك صاحب كتاب هيئة الناسك.
وقد يكون وراء القول بالكراهة أن معظم الناس لا يأخذون حكم القبض في الصلاة إلا من كتب المتأخرين، وأصل القول بالكراهة ما في المدونة في (باب الاعتماد في الصلاة والاتكاء ووضع اليد على اليد)، وفيه بعد ذكر الاتكاء على الحائط، وقال مالك في وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، قال لا أعرف ذلك في الفريضة، وكان يكرهه، ولكن في النوافل إذا طال القيام فلا بأس بذلك يعين به نفسه»، ومن شأن قراءة ما في المدونة ضمن الباب المذكور أن يدفع القارئ إلى الربط بين كراهة مالك للقبض، وبين الاعتماد، بمعنى