للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما سبب موت ابنك؟، قال: بات يتلو القرآن في محرابه فأصبح ميتا».

وقد نبهني بعض الإخوان جزاهم الله خيرا إلى إضافة شيء هنا حتى لا يساء فهم الكلام، إذ المقصود من هذا أن على قارئ القرآن التدبر فيما يقرأ، وليس المراد أن حصول ما ذكر من الصعق والموت أمر محمود دائما، فإن الصحابة ما عرف عنهم ذلك، مع تدبرهم لكتاب الله وتأثرهم بسماعه، ولا شك أن حالهم أكمل، فهم القدوة، وقد قال الله تعالى عن كتابه: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (٢٣)[الزُّمَر: ٢٣]، وقد قال رسول الله : «إن أحسن الناس قراءة الذي إذا قرأ رأيت أنه يخشى الله»، وهو في الصحيحة عن عائشة.

والمشهور عدم الفصل بين تكبيرة الإحرام وبين الشروع في قراءة الفاتحة لا بدعاء، ولا بتعوذ، ولا ببسملة، بل المشهور كراهة التعوذ والبسملة في الفرض.

وقد نقل ابن وهب عن الإمام قوله: «والذي أدركت عليه الأئمة، وسمعنا من علمائنا أن يكبروا ثم يقرأوا».

وقال ابن حبيب: «ولا يقول بعد الإحرام ما يذكر من التوجيه، ولا بأس به لمن شاء أن يفعله قبل الإحرام»، وهذا من ابن حبيب محاولة للجمع بين ما ورد من أذكار وأدعية الاستفتاح، وبين ظاهر قول أنس الذي سيذكر.

وكراهة البسملة في الفرض مذهب المدونة، ومما احتج لهم به قول أنس أن النبي ، وأبا بكر، وعمر، وعثمان، كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين»، رواه صاحبا الصحيح، وأبو داود (٧٨٢)، لكن هذا لا ينفي إثبات الدعاء والتعوذ والبسملة، فإن أنسا إنما ذكر ما سمع، والتعوذ كالدعاء لا يجهر بهما، إذ الأصل فيه الإسرار، والسكتة بعد الإحرام ثابتة، وهي التي يقال فيها دعاء الاستفتاح وما يليه من التعوذ والبسملة، وقد ثبت التعوذ قبل القراءة في الصلاة كما يأتي، أما الاستدلال لترك البسملة بحديث أنس بن مالك قال: «صليت خلف رسول الله وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم»، رواه مسلم وغيره؛ فإنه لا يسوغ الاحتجاج به لاضطرابه كما قال ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>