٠٢ - «والسلام أن يقول الرجل السلام عليكم ويقول الراد وعليكم السلام أو يقول سلام عليكم كما قيل له».
الأصل في إلقاء السلام قول النبي ﷺ:«خلق الله ﷿ آدم على صورته طوله ستون ذراعا، فلما خلقه قال: اذهب فسلم على أولئك النفر وهم نفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك، قال: فذهب فقال: السلام عليكم»، فقالوا:«السلام عليك ورحمة الله»، قال: فزادوه ورحمة الله، قال: فكل من يدخل الجنة على صورة آدم وطوله ستون ذراعا فلم يزل الخلق ينقص بعده حتى الآن» رواه البخاري عن أحفظ الصحابة للحديث.
والمؤلف يريد أن إلقاء السلام يكون بلفظ السلام عليكم، بصيغة الجمع، وتقديم لفظ السلام لأنه اسم الله، وقد روى البخاري في الادب المفرد عن أنس مرفوعا:«إن السلام من أسماء الله تعالى وضعه في الأرض، فأفشوا السلام بينكم»، ولا فرق بين أن يكون المُسَلَّمُ عليه واحدا أو أكثر، ذكرا أو أنثى، لأن الواحد كالجماعة لوجود الحفظة معه، وقالوا لا بد من تعريف السلام، فكأنهم جعلوا ما هنا مماثلا للسلام الذي يخرج به المصلي من الصلاة، فلا يكفي أن يقول:«سلام عليكم»، وفي هذا نظر، فإن تسليم الملائكة على أهل الجنة هو قولهم: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (٢٤)﴾ [الرعد: ٢٤]، وهكذا تسليمهم على إبراهيم ﵊: ﴿إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٢٥)﴾ [الذاريات: ٢٥]، ورد بأن هذا قياس مع الفارق، والصواب أن التسليم لما كان دعاء وتأنيسا فلا ريب أن فعل الملائكة وتسليمهم على أهل الجنة أكمل، فأقل ما يقال إن ذلك كاف، ويكون الرد بقوله وعليكم السلام، بصيغة الجمع وبالواو المفيدة للتشريك، وتقديم الجار والمجرور، كأنه يقول علي السلام وعليكم السلام، وقد مر معك رد الملائكة على آدم، وأنه بلفظ السلام عليك، وهي تحيته وتحية أولاده من بعده كما قال الله ذلك، وأقوى