٠٣ - «ولا في طريق ولا في عرصة دار قد قسمت بيوتها ولا في فحل نخل أو بئر إذا قسمت النخل أو الأرض».
العرصة هي الموضع الخالي من البناء تجمع على عرصات بفتح الراء، وسميت بذلك لأن الصبيان يتعرصون فيها، أي يتفسحون ويلعبون، وقد دل على عدم الشفعة في الطريق نص حديث جابر فيما يبطل الشفعة:«فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة»، ولأن الأصل هو الاشتراك في منافع الطريق، فلا وجه لاستبداد واحد بها، ولا ضرر على مشاركة غيره إياه فيها، ولأنها غير مقصودة لذاتها، ولا فرق بين أن تصلح للقسمة أو لا تصلح كما هو نص كلام مالك في الموطإ، بل المذهب أن لا شفعة في الطريق، ولو كان خاصا بالشريكين إلى الدار أو إلى الحائظ حيث تمت القسمة فيهما، وهذا القيد قد ذكره المصنف بعد نفي الشفعة في العرصة، وهو شامل للطريق أيضا، أما الطريق العام فلا يجوز بيعه أصلا.
قلت: لكن قوله ﷺ في شرط إثبات الشفعة للجار: «إذا كان طريقهما واحدا»، يدل على أن اتحاد الطريق موجب للشفعة بالجوار فيخصص قوله ﷺ:«فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة»، بحمل الطريق هنا على غير العام
والمقصود من قوله «ولا في عرصة دار قد قسمت بيوتها» أن البيوت إذا قسمت وكان معها عرصة تفضي إليها فلا شفعة فيها، أما إذا لم تقسم البيوت فإن الشفعة في العرصة تكون تبعا لها، قال مالك في الموطإ:«والأمر عندنا أن لا شفعة في عرصة دار صلح القسم فيها أو لم يصلح»، انتهى، وفحل النخل هو الشجرة التي يؤخذ منها العضو المذكر لتأبير النخل الإناث فهذا لا شفعة فيه حيث قسمت النخل وكان في أحد قسميها الفحل، ومثله البئر حيث قسمت الأرض فطار لأحد المتقاسمين البئر، فكل منهما تبع لأصله تبعية الطريق للبناء، فالحاصل أن إناث النخل أصل للفحل، والأرض أصل للبئر فمتى قسم الأصل فلا شفعة في التابع.