به»، وقال سهل بن عبد الله:«والذين جاهدوا في إقامة السنة، لنهدينهم سبل الجنة»، وقال تعالى: ﴿فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (٥٢)﴾ [الفرقان: ٥٢] يعني جاهدهم بالقرآن، وقال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ (٧٣)﴾ [التوبة: ٧٣]، جمع بين الفريقين في لزوم جهادهما، وإن اختلفت الوسائل، فهذا يجاهد بالسيف والسنان، والآخر يجاهد بالقرآن وباللسان، وقال النبي ﷺ:«جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم»، رواه أحمد وأبو داود (٢٥٠٤) والنسائي عن أنس، وهذه الثلاثة قد تجتمع، وقد يتعذر بعضها، لكن لا نعدم وسيلة من وسائل الجهاد، وعن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه قال، قلت: يا رسول الله، إن الله قد أنزل في الشعر ما قد أنزل، فقال النبي ﷺ:«إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه، والذى نفسي بيده لكأن ما ترمونهم به نضح النبل»، رواه ابن حبان وغيره، وهذا ينطبق اليوم على الجهاد بوسائل الإعلام، وقال ﵊:«أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر»، وفي رواية «كلمة حق»، رواه أبو داود (٤٣٤٤) وغيره عن أبي سعيد، لكن تأمل كيف قال:«عند سلطان جائر»، وهذا ليس هو الذي يقوم به كثير ممن يدعون بالحركيين المهيجين والمهرجين.
قال ابن القيم في مفتاح دار السعادة (١/ ١٣٤): «ولهذا كان الجهاد نوعين: جهاد باليد والسنان، وهذا المشارك فيه كثير!!، والثاني جهاد بالحجة والبيان، وهذا جهاد الخاصة من أتباع الرسل، وهو جهاد الأئمة، وهو أفضل الجهادين، لعظم منفعته، وشدة مؤنته، وكثرة أعدائه، قال تعالى: ﴿فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (٥٢)﴾ [سورة الفرقان: ٥٢]، فهذا جهاد لهم بالقرآن، وهو أكبر الجهادين، وهو جهاد المنافقين أيضا، فإن المنافقين لم يكونوا يقاتلون المسلمين، بل كانوا معهم في الظاهر، وربما كانوا يقاتلون عدوهم معهم، ومع هذا فقد قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾، ومعلوم أن جهاد المنافقين بالحجة والقرآن»، انتهى.
والمسلمون اليوم وإن كانوا مختلفين في حكم جهاد الطلب الذي هو فرض كفاية إلى يوم الدين عند الجمهور، فقد فاتهم فضله في هذا العصر، لعدم قدرتهم عليه، وذلك