[٤٠ - باب في جمل من الفرائض والسنن الواجبة والرغائب]
سلك المؤلف في رسالته منهج الوصف، وربما ذكر درجة الحكم من واجب ومندوب وغيرهما أحيانا، فأراد بهذا الباب استدراك ما فاته من ذلك أَوَّلاً، وليذكر أمورا لم يعقد لها بابا مستقلا، فهو إذن باب جامع لا يختص بشيء من أبواب الفقه، ولهذا كثيرا ما يحيل عليه الشراح لمعرفة الحكم، والظاهر أن معرفة صفة العبادة خير من مجرد معرفة حكمها من واجب أو مستحب، إلا أن يقترن بذلك العلم بالكيفية، وقد ذكرت في مقدمة هذا الكتاب شيئا من هذا عند حديثي على خصائص هذه الرسالة.
وأضيف هنا أن مما يشهد لتقديم الوصف آية الوضوء التي في سورة المائدة، وهي من أواخر السور نزولا، ولم تنزل إلا بعد مدة من إيجاب الله الوضوء، وذلك حتى يكون حكما متلوا، وقد عرفه الصحابة بفعل النبي ﷺ ووصفه، وإنما يستند العلماء في معرفة حكم غسل أعضاء الوضوء إلى آيته، وكون فعله ﷺ بيانا لها، وقد جاء الأمر بالمضمضة والاستنثار.
قال أبو بكر بن العربي عن باب الجامع في الموطإ:«هذا كتاب اخترعه مالك ﵁ لفائدتين: إحداهما أنه خارج عن رسم التكليف المتعلق بالأحكام التي صنفها أبوابا ورتبها، والأخرى أنه لحظ الشريعة وأنواعها، ورآها مقسمة إلى أمر ونهي، وإلى عادة وعبادة، وإلى معاملات وجنايات، فنظمها أسلاكا، وربط كل نوع بجنسه، وشذت عنه من الشريعة معان مفردة، لم يتفق نظمها في سلك واحد لأنها متغايرة المعاني، ولا أمكن أن يجعل لكل منها بابا لصغره، فجمعها أشتاتا، وسمى نظامها كتاب الجامع»، انتهى.
ولمالك في الموطإ أبواب سماها جامعا بحسب الباب الأم، كجامع الوقوت، وجامع الوضوء، وجامع الحيضة، وقال أبو الحسن في آخر باب الفرائض من شرحه: «ثم