وقد بين المؤلف الغرض من خيار الشرط وهو اختبار السلعة أو المشورة أو كليهما، فأما اختبار السلعة فمتفق على الخيار لأجله، وأما المشورة فالمشهور جواز الخيار لأجلها، وعن ابن القاسم منعه لها، والظاهر أن المشتري يتعين عليه أن يقتصر على ما يتحقق به الاختبار، ولا يجوز له أن يستغل المبيع فيما وراء ذلك.
أما مدة الخيار فتختلف عندهم باختلاف السلعة، لأن المقصود تحقق الغرض الذي لأجله شرع الخيار على خلاف الأصل، فللثوب اليوم واليومان، وللدابة إلى الثلاثة، وفي الرقيق الأسبوع، وفي الدار الشهر والشهران، وفيما يسرع إليه الفساد إن حصل يراعى ما لا يلحق الضرر فيه بالبائع.
وإنما قالوا بذلك لأن الحديث كما ترى ليس فيه تحديد للمدة، فترجع إلى الاجتهاد، لكن قد تقدم إثبات الخيار في المصراة إلى ثلاثة أيام، وجاءت الثلاثة أيضا في قول النبي ﷺ:«إذا بايعت فقل لا خلابة»، رواه مالك (١٣٨١) وأحمد والشيخان عن ابن عمر أن رجلا ذكر لرسول الله ﷺ أنه يخدع في البيوع فقال رسول الله ﷺ: فذكره، فكان الرجل إذا بايع يقول:«لا خلابة»، وقد جعل له الخيار في كل سلعة ابتاعها ثلاث ليال إذا خدع، لكن حديث المصراة أولى أن يعتمد عليه، لأن الغرض اختبار المشتري الشاة حتى يعرف درها الحق مما نتج عن التصرية المدلس بها عليه، فيتجه لهذا الاعتمادُ عليه، ويكون الاجتهاد في الأمد الذي تختبر فيه السلعة، والله أعلم.