للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٨ - «وطهارة البقعة في الصلاة واجبة، وكذلك طهارة الثوب، فقيل إن ذلك فيهما واجب وجوب الفرائض، وقيل وجوب السنن المؤكدة».

أما أن طهارة البقعة واجبة في الصلاة، فلحديث أبي هريرة أن أعرابيا بال في المسجد، فتناوله الناس، فقال لهم النبي : «دعوه»، وهريقوا على بوله سجلا من ماء، أو ذنوبا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين، ولم تبعثوا معسرين» (١)، هَريقوا هو بفتح الهاء معناه صبوا، والسجل بفتح السين وسكون الجيم ومثله الذنوب بفتح الذال؛ الدلو الكبيرة إذا كانت ملآى، وقوله بعثتم المبعوث إنما هو رسول الله ، لكن لما كان أتباعه مطالبين بالتبليغ عنه مكلفين بالدعوة إلى ما جاء به؛ وصفهم بما هو خاص به.

وفي طهارة الثوب يقول الله تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)[المدَّثر: ٤]، والأمر بتطهير الثياب يدل من باب أولى على تطهير البدن، وإن حمل ذلك الأمر على عموم الأوقات حصل الاستدلال، بل الصلاة أولى أن تطهر لها الثياب، لأن العبد يناجي فيها ربه، وإذا صح ما قيل من الاتفاق على عدم وجوب ذلك خارج الصلاة؛ بقيت الصلاة، فكان ذلك واجبا فيها، والذي يظهر حمل الثياب على حقيقتها، فإن الرجز بعدها هو عبادة الأوثان وهي أكبر المعاصي، وفي هجرانه تزكية للنفس وطهارة لها، ويرجحه مناسبة تطهير الثياب لما قبلها من تكبير الله تعالى، ولا مانع من تفسير تطهير الثياب بتطهير القلب من الأرجاس المعنوية، فإن ذلك من جملة لغة العرب، وقد شبه هذا بهذا في قوله في الدعاء للميت: «ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس»، وأطلق امرؤ القيس الثياب على النفس في قوله:


(١) رواه البخاري (٢٢٠)، وأبو داود (٣٨٠)، وهو في «الصحيحين» من حديث أنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>