للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٨٤ - «فإن قتل أحدا فلا بد من قتله».

قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٣٣) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٤)[المائدة: ٣٣ - ٣٤].

الظاهر أن الآية في المسلمين المحاربين بدليل قوله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، لأن الكافر لا يقيد قبول توبته بهذا، ويؤيد ذلك أن العرنيين الذين ورد أن الآية نزلت فيهم كانوا قد أسلموا، وظاهرها تخيير الإمام في هذه الأمور الأربعة التي هي القتل والصلب وتقطيع الأيدي والأرجل من خلاف والنفي من الأرض، لكن الإمام إنما يختار واحدا منها بناء على اجتهاده في رعاية مصالح الإسلام ودفع الشر عن أهله كالتخيير الذي في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا (٤)[محمد: ٤]، كما أنها بظاهرها تدل على عدم الجمع بين أكثر من حد، لكن للعلماء في دلالتها مذاهب:.

فقيل يقام على المحارب بقدر جرمه، ولهذا فقد يجمع عليه أكثر من حد.

وقيل إن استحق حد القتل اكتفي به لأنه يأتي على كل ما دونه.

وقيل لا ينبغي أن يصلب قبل القتل لما يترتب على ذلك من منعه من الصلاة.

وقول مالك أن الإمام مخير على ظاهر الآية، لأن الأصل في حرف أو التخيير، فإن قتل أحدا فلا بد من قتله، وهو مراد المؤلف من قوله «فلا بد من قتله» لأن عفو الأولياء عن القاتل لا يجدي في الحرابة فعفوهم خاص بما عداها من القتل العمد العدوان، قال القرطبي في تفسيره (٦/ ١٥٦): «وأجمع أهل العلم على أن السلطان ولي من حارب، فإن قتل محارب أخا امرئ أو أباه في حال المحاربة فليس إلى طالب الدم من أمر المحارب

<<  <  ج: ص:  >  >>