للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٠٢ - «ولا يمين حتى تثبت الخلطة أو الظِّنَّةُ، كذلك قضى حكام أهل المدينة، وقد قال عمر بن العزيز: «تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور».

لما كان قوله : «واليمين على من أنكر» عموم، بين أن اليمين لا تتوجه على كل منكر لم يقم المُدَّعِي عليه بينة على دعواه، بل المذهب أنه يشترط في ذلك المخالطة بين المتداعيين، أو التهمة، ومثال الأولى أن يكون داينه، أو تكرر ابتياعه منه، وتثبت الخلطة بشاهد، بل وبامرأة واحدة، وبإقرار المدعى عليه، ومثال الثانية أن يدعي على آخر أنه سرقه، أو غصبه ماله، والظنة بكسر الظاء المشالة هي التهمة، ووجه استثناء هذا من اشتراط الخلطة عندهم أن المدعى عليه فيهما متهم في نفسه، وألحقوا بذلك الحالَ التي يتعذر فيها إثبات الخلطة كالسفر، وأراد بقوله كذلك قضى حكام أهل المدينة»، تخصيص عموم الحديث بعمل أهل المدينة، وأكد ذلك بقول عمر بن عبد العزيز ، وهو أحد الخلفاء الصالحين بعد الخلفاء الأربعة الراشدين، ومعاوية بن أبي سفيان أجمعين، أي تحدث للناس أحكام مستنبطة بالاجتهاد مما ليس فيه نص، لتكون كفاء لما يحدثون من الفجور، ومن الفجور الكذب وهو الذي يهدي إليه أيضا، وشاهد هذا ما حكم به عمر بن الخطاب حين أمضى على الناس الطلاق الثلاث في كلمة واحدة لكونهم تتايعوا فيه ووافقه الصحابة، وقد روى مالك عن حميد بن عبد الرحمن المؤذن أنه كان يحضر عمر بن عبد العزيز وهو يقضي بين الناس فإذا جاءه الرجل يدعي على الرجل حقا نظر، فإن كان بينهما مخالطة أو ملابسة أحلف الذي ادعي عليه، وإن لم يكن شيء من ذلك لم يحلفه»، انتهى، وذكر مالك أنه الأمر عندهم في المدينة.

قال ابن عبد البر في الكافي: «وفي الأصول أن من جاء بما لا يشبه ولا يمكن في

<<  <  ج: ص:  >  >>