للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قوله:

٧٦ - «ولا في النظر إلى المتجالة».

قال الله تعالى: ﴿وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٦٠)[النور: ٦٠]، ﴿وَالْقَوَاعِدُ﴾ جمع القاعدة، وهي المرأة التي قعدت عن التصرف من السن، وتجاوزت وقت الولادة والمحيض، ﴿غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ﴾ غير مظهرات ولا متعرضات بالزينة لينظر إليهن، قال ابن عباس في معنى وضعهن ثيابهن، هو الجلباب، وقيل إن الكبيرة التي أيست من النكاح إذا بدا شعرها فلا شيء فيه، وهذا بعيد.

قال القرطبي: «والصحيح أنها كالشابة في التستر إلا أن الكبيرة تضع الجلباب الذي يكون فوق الدرع والخمار قاله ابن مسعود وابن جبير وغيرهما، ﴿وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ﴾، أي أن عدم وضعهن ثيابهن وتحفظهن خير لهن.

والمتجالة في كلامه من قولهم تجالت المرأة إذا أسنت وكبرت، هكذا في اللسان، والمراد المرأة التي لا أرب للرجال فيها، ومن ثم فلا يُتلذذ بالنظر إليها، فلا يجب غض البصر عنها، وهذا كما ترى ليس بمطرد، فقد يحصل هذا لبعض الناس ولا يحصل لآخرين، ولهذا يقال إنه إذا حصل ذلك نزلت منزلة الشابة في التحريم، ويستدل لذلك في الجملة بزيارة النبي ومعه أصحابه لبعض النساء، وهكذا فعل الخلفاء الراشدين من بعده، وهذا وإن لم يكن نصا في جواز النظر إلا أن النظر يحصل غالبا في الزيارة مع ما يكون من التحدث إلى النساء والتسليم عليهن، وتقديمهن الطعام للزائرين، وغير ذلك.

أما زيارة النبي وحده فلا يستقيم الاستدلال بها على الحكم لكونه مبرأ من خواطر السوء، كما في دخوله على أم حرام بنت ملحان وفليها رأسه، روى مسلم وغيره عن أنس قال: «انطلق رسول الله إلى أم أيمن فانطلقت معه فناولته إناء فيه شراب، قال فلا أدري أصادفته صائما أو لم يرده، فجعلت تصخب عليه وتذمر عليه»، وله أيضا عن أنس

<<  <  ج: ص:  >  >>