وأما عموم قوله ﷺ:«لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعدا»، وهي صلاة، فالجواب أنها صلاة ناقصة إذ لا ركوع فيها ولا سجود، فلا يلزم أن يقرأ فيها بأم القرآن ومن ثم لا يشملها الحديث في دلالته على البطلان، والقراءة تكون عقب التكبيرة الأولى، اعتبارا بقراءتها في الصلاة، ولم يأت في دعاء الاستفتاح شيء.
فأما أن عدد التكبيرات أربعة؛ فلما في حديث ابن عباس ﵄ أن رسول الله ﷺ مر بقبر رطب، فصفوا عليه وكبر عليه أربعا»، رواه الشيخان، وأبو داود (٣١٩٦)، كما كبر النبي ﷺ في الصلاة على النجاشي أربعا، وهو في الموطإ (٥٣٢) والصحيحين (مسلم ٩٥١) من حديث أبي هريرة، وكبر على المرأة السوداء أربعا، لكن ورد عنه ﷺ أنه كبر أكثر من ذلك، ففي صحيح مسلم (٩٥٧) وأبي داود (٣١٩٧) عن ابن أبي ليلى قال كان زيد - يعني ابن أرقم - يكبر على جنائزنا أربعا، وإنه كبر على جنازة خمسا، فسألته، فقال:«كان رسول الله ﷺ يكبرها»، وهذا يدل على أن غالب فعل النبي ﷺ كان أربع تكبيرات، وقد ثبت التكبير ستا وسبعا وثمانيا وتسعا، فقال قوم إن الإجماع قد انعقد فيما بعد على أربع، وممن ذكر هذا الإجماع الباجي وابن عبد البر قال في (الاستذكار ٣/ ٣٠): «اتفق الفقهاء أهل الفتوى بالأمصار على أن التكبير على الجنائز أربع لا زيادة، على ما جاء في الآثار المسندة من نقل الآحاد الثقات، وما سوى ذلك عندهم شذوذ لا يلتفت إليه اليوم، ولا يعرج عليه»، ثم ذكر ما يدل على أن التكبير أربعا إجماع، ومال إلى هذا الشوكاني في السيل الجرار، بل اعتبر أن النقص عن أربع، والزيادة عليها من البدع، وفي هذه الدعوى نظر.
ولما كانت التكبيرات الأربعة من واجبات صلاة الجنازة، فإن من تعمد ترك إحداها بطلت صلاته على المذهب، وهكذا من نسي إحداها وطال الزمن، قال خليل:«وإن والاه، أو سلم بعد ثلاث، أعاد»، يعني إذا والى التكبير من غير دعاء، والقول بالبطلان شديد مع وجود من قال بثلاث تكبيرات.
ومشهور المذهب أن الإمام إذا زاد على أربع لم ينتظره المأموم، بل يسلم، قال ابن القاسم في العتبية عن مالك:«وإن كان الإمام ممن يكبر خمسا؛ فليقطع المأموم بعد الرابعة، ولا يتبعه»، وعلى هذا جرى خليل فقال:«وإن زاد لم ينتظر»، والرواية الثانية رواية ابن