٣٨ - «وإذا ارتد أحد الزوجين؛ انفسخ النكاح بطلاق، وقد قيل بغير طلاق».
طروء اختلاف الدين على الزوجين لا يخرج عن حالات ثلاث: ردة أحدهما، أو إسلامهما معا، أو إسلام أحدهما، وهذا تحته قسمان، فإذا ارتد أحد الزوجين فسخ النكاح ساعة الارتداد، وهو يكون بكلمة مكفرة، وبإنكار معلوم من الدين بالضرورة، كأحد أركان الإسلام، وبفعل يلزم منه ذلك، كإلقاء المصحف في قذر عمدا، ومنها الانتقال إلى دين غير الإسلام.
فأما ردة الزوجة فلقول الله تعالى: ﴿وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾، [الممتحنة: ١٠]، والكوافر جمع كافرة، وهي مخصوصة بمن عدا الكتابية، والردة أشد من الكفر الأصلي، لأن الكافرة تقرر على دينها، ولا تقرر المرتدة على الردة بل تقتل، فأما ردة الزوج فلقول الله تعالى: ﴿لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾، وهذه نزلت في النساء المسلمات اللاتي كن متزوجات بكفار وهاجرن، فأُمر المسلمون أن لا يرجعوهن إلي الكفار، قال القرطبي:«هذا أدل دليل على أن الذي أوجب فرقة المسلمة من زوجها؛ إسلامها لا هجرتها، وقال أبو حنيفة الذي فرق بينهما هو اختلاف الدارين، وإليه إشارة في مذهب مالك بل عبارة، والصحيح الأول، لأن الله تعالى قال: ﴿لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ﴾، فبين أن العلة عدم الحل بالإسلام، وليس باختلاف الدار، والله أعلم».
ولا رجعة للمرتد على زوجته السابقة، ولو عاد إلى الإسلام في عدتها، فلم يلحقوه بالكافر يسلم وزوجته ما زالت في العدة، لأن الردة كفر مغلظ، وتكون بكلمة مكفرة، وبإنكار معلوم من الدين بالضرورة، كأحد أركان الإسلام، أو بفعل يلزم منه ذلك، كإلقاء المصحف في قذر عمدا، ومنها الانتقال إلى دين غير الإسلام.