خطباني، فقال رسول الله ﷺ:«أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد، قالت: فكرهته، ثم قال: انكحي أسامة بن زيد، فنكحته، فجعل الله في ذلك خيرا واعتبطت به»، رواه مالك (١٢٢٨) ومسلم والأربعة، ووجه الدلالة منه حسب رواية مالك أنه ﷺ علم بخطبة معاوية وأبي جهم فاطمة، ومع ذلك اقترح عليها الزواج بأسامة، فيحمل على أنها لم تكن ركنت لواحد منهما، بل ذلك هو المتعين، وإلا فكيف تذكرهما له؟، وبهذا يجمع بين فعله ﷺ هذا، وبين نهيه عن خطبة المسلم على خطبة أخيه، فيكون حديث النهي مخصصا بالفعل، وقد اعتبر مالك تأويل الحديث بما ذكر مما لا بد منه، وإلا «فهذا باب فساد يدخل على الناس»، قاله في الموطإ، وقريب منه كلام الترمذي في جامعه، وليس في الحديث غيبة، بل هو من باب النصيحة وقد تكون فاطمة طلبتها من النبي ﷺ، أو بادرها بها، ولأنه مبرأ من أن يتكلم في واحد من أمّته تشهيا، ولأن كلامه إذا لم يوافق ما هو عليه في الواقع كان رحمة للمتكلم كما جاء ذلك عنه.
وظاهر المصنف أنه لا يخطب على خطبة الفاسق بالجارحة لأنه مسلم، لكن المذهب أنه لا حرمة له، فيجوز للصالح الخطبة عليه، وهو قول ابن القاسم، وقال:«فإنه ينبغي للولي أن يحضها على تزويج الرجل الصالح الذي يعلمها الخير ويعينها عليه»، وهو في الاستذكار (٥/ ٣٨٤)، وأحرى أن يجوز له خطبة الكتابية على خطبة الذمي، فيكون المراد بالأخ في الحديث على هذا خصوص المؤمن غير الفاسق، وقيل إن الحديث خرج مخرج الغالب، فيكون المراد الأخوة العامة، وعلى هذا فلا يجوز له أن يخطب على الذمي وهو المشهور، وهو قول مالك ﵀، وقد أجابوا عن المشهور وهو جواز الخطبة على المؤمن الفاسق وعدم جوازها على الذمي، بأن المسلم الفاسق لا يقر على ما هو عليه بخلاف الذمي، وقالوا إن الفاسق بالاعتقاد كالقدرية الذين يقولون بأن الإنسان خالق أفعاله؛ لا يتزوج منهم، ولا يزوجون، فاعتبروا يا أولي الأبصار.