ربا، وإن كانا غير ربويين فهو من المخاطرة والقمار، وهذا وجه عدم ذكره في أقسام الربا، وقد جاء في المنع من بيع المزابنة حديث ابن عمر ﵄ أن رسول الله ﷺ نهى عن المزابنة»، والمزابنة بيع الثمَر بالتمر كيلا، وبيع الكرم بالزبيب كيلا»، رواه مالك (١٣١٣) ومن طريقه البخاري (٢١٨٥)، ومسلم (١٥٤٢)، فأهل المذهب لم يقصروه على ما ذكر هنا، وسيأتي تفصيل هذا بعد.
وقد تجوز بعض العلماء فألحق البيوع المنهي عنها بالربا، وهو رأي ابن العربي، وتَعْثُرُ على هذا في كلام غيره، وفي الأحاديث ما يدعمه، وفي كثير من البيوع المنهي عنها ما يقويه لأنها آئلة إلى الزيادة غير المشروعة كالغش والتدليس والخديعة وتلقي الركبان وبيع الحاضر للبادي وبيع الغرر وبيع ما ليس عنده والبيع قبل القبض وغيرها، فهذه كلها فيها نوع زيادة من غير عوض، وقال القرطبي في التفسير (٣/ ٣٤٨): «أكثر البيوع الممنوعة إنما تجد منعها لمعنى زيادة إما في عين المال، وإما في منفعة لأحدهما من تأخير ونحوه، ومن البيوع ما ليس فيه معنى الزيادة كبيع الثمرة قبل بدو صلاحها وكالبيع ساعة النداء يوم الجمعة، فإن قيل لفاعلها آكل الربا فَتَجَوُّزٌ وتشبيه»، انتهى.
قلت: ما استثناه من بيع الثمار قبل بدو صلاحها والبيع وقت النداء الزيادة فيه واضحة أيضا، فإن الثمرة قد لا تظهر أو يتلف بعضها، والبيع وقت النداء غير موجود فتغلو السلعة.