وللوصية أربعة أركان هي: الموصي، والموصى له، والموصى به، وما تكون به الوصية، ويشترط في الموصي أن يكون حرا مميزا مالكا ملكا تاما، فلا تصح وصية العبد ولا الصبي غير المميز، ولا الوكيل في مال غيره، ولا مستغرق الذمة، وتصح وصية المميز والسفيه، لأن الحجر عليهما لمصلحتهما، والوصية من مصلحتهما، فلو مُنعا الوصية لكان الحجر عليهما لأجل غيرهما، وقد ترجم مالك بقوله:«وصية الصغير والضعيف والمصاب والسفيه»، وأورد تحتها أثرا (١٤٥٠) عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أبيه أن عمرو بن سليم الزرقي أخبره أنه قيل لعمر بن الخطاب إن هاهنا غلاما يفاعا لم يحتلم من غسان، ووارثه بالشام وهو ذو مال وليس هاهنا إلا ابنة عم له، قال عمر بن الخطاب:«فليوص لها»، قال: فأوصى لها بمال يقال له بئر جُشم، قال عَمْرو: فبيع ذلك المال بثلاثين ألف درهم، وابنة عمه التي أوصى لها هي أم عمرو بنت سليم الزرقي»، انتهى، وقد اختلف في عمرو بن سليم هل أدرك عمر قال ابن حبان إنه كان قد جاوز الحلم يوم وفاته، واليفاع في الأصل هو ما ارتفع من الأرض، ويقال غلام يفاع إذا أشرف على البلوغ، كما يقال مراهق، وقال مالك بعد هذا الأثر:«الأمر المجتمع عليه عندنا أن الضعيف في عقله والسفيه والمصاب الذي يفيق أحيانا تجوز وصاياهم إذا كان معهم من عقولهم ما يعرفون ما يوصون به،،،»، انتهى.
قال خليل:«صح إيصاء حر مميز مالك وإن سفيها وصغيرا وكافرا إلا بكخمر لمسلم»، انتهى.
وإجازة وصية الصبي المميز جارية على أصول المالكية حيث يرون أنه مطالب بالمندوبات، وقد قالت امرأة للنبي ﷺ عن صبي تحمله:«ألهذا حج»؟، قال:«نعم ولك أجر»، وقد تقدم شيء من هذا في الجزء الأول، قال صاحب المراقي:
قد كلف الصبي على الذي اعتمي … بغير ما وجب والمحرم
وقال الشوكاني في السيل الجرار (٤/ ٤٧١): «الوصية تكليف من التكاليف الشرعية ورد الأمر بها، والترغيب إلى فعلها، والترهيب في تركها، وهي أيضا تتضمن إخراج جزء من المال لفلان، أو للقربة الفلانية، أو عند فلان كذا، أو يفعل الوارث كذا، أو يترك كذا، وهذه