القيام والركوع والسجود من ماهية الصلاة فلا تكون بدون واحد منها، إلا في حالة العجز عنها أو عن بعضها، قال الله تعالى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨)﴾ [البقرة: ٢٣٨]، فأمر ربنا ﷿ بالقيام، وأمر بالركوع والسجود في قوله سبحانه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٧٧)﴾ [الحج: ٧٧]، وليس الواجب هو مطلق الركوع والسجود بل يجب ما هو أكثر من ذلك من الاعتدال والاطمئنان، كما قال النبي ﷺ:«لا تجزئ صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود»، رواه أبو داود عن أبي مسعود البدري، والقيام في المذهب مرتب بحسب قدرة المصلي، فيكون استقلالا ثم باستناد، ثم ينتقل إلى الجلوس بغير استناد ثم باستناد، غير أن الترتيب داخل القيام والجلوس مندوب، وبين القيام والجلوس وما دونه واجب.
والقيام الفرض هو أن يوقع تكبيرة الإحرام قائما وأن يقرأ الفاتحة كذلك، أما السورة فلا يجب القيام لها، وقد يؤخذ من هذا أنهم يرون أن القيام ليس واجبا لنفسه بل لما هو واجب، وفيه نظر، لعموم قوله تعالى الذي سبق، وكذا عموم قول النبي ﷺ:«صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب»، رواه البخاري عن عمران بن حصين.
وإنما يجب القيام في الصلاة المفروضة، وقيدوا الوجوب بغير المسبوق الذي يدرك الإمام راكعا، فإن أدركه كذلك فيه تأويلان في المذهب، فلا تشتغلن به، وأَنْهِ التكبير قائما ثم اركع، فإن أدركت الإمام لم يرفع بعد فقد أدركت الركعة عند من لا يوجب قراءة الفاتحة على المأموم، وإطالة الركوع لأجل الداخل إحسان، وهو مرغوب عنه في المذهب، وهو رأي قام دليل القياس الصحيح على خلافه.