الأول: العاقدان، ويشترط فيهما أهلية الإجارة وقد تقدم ذكرها.
والثاني: ما تنعقد به وهو لفظ المساقاة عند ابن القاسم لا لفظ المعاملة ونحوها حتى لا تلتبس بمعاملة أخرى كالإجارة على خدمة الأرض، ومشهور المذهب انعقادها بغير ذلك اللفظ، والمدار على ما يعلم به المراد من العقد من غير لبس كما سبق، ومنه عُرْفُ الناسِ.
والثالث: ما تكون فيه المساقاة وهي الأصول الثابتة التي تجنى ثمارها ويبقى أصلها كالنخل وشجر العنب وهو ما أشار إليه المؤلف بقوله: «في الأصول»، والناس في هذا بين مضيق وموسع، فمنهم من قصرها على النخل وهو محل الرخصة كما تقدم، ومنهم من أضاف العنب لمشاركته النخل في الزكاة، ومنهم من وسع فشملت عنده كل ما له أصل وثمرة كما ذكره المؤلف، والمذهب أن قيد الأصول ليس مانعا من المساقاة على غير الأصول كالبصل والجزر واللفت والبطاطا، ولهذا القول متمسك في ذكر الزرع في حديث ابن عمر المتقدم، وقيدوه بشرط عجز صاحب الأرض عن العمل، وخوفه على حرثه الضياعَ بترك السقي ونحوه مما يلزم، وأن يبرز من الأرض، قال مالك في الموطإ:«السنة في المساقاة عندنا أنها تكون في أصل كل نخل أو كرم أو زيتون أو رمان أو فرسك،،،»، وقال:«والمساقاة أيضا تجوز في الزرع إذا خرج واستقل فعجز صاحبه عن سقيه وعمله وعلاجه»، انتهى، ومما اشترطوه أن تكون المساقاة قبل طيب الثمر وَأَوَانِ جواز بيع الحرث، إذ لا داعي حينئذ للمساقاة، قال مالك:«لا تحل المساقاة في شيء من الأصول مما تحل فيه المساقاة إذا كان فيه ثمر قد طاب وبدا صلاحه وحل بيعه،،، إلى أن قال: وإنما مساقاة ما حل بيعه من الثمار إجارة»، انتهى، يقصد أنها إن وقعت فهي فاسدة تحول إلى الإجارة، ومن ذلك أن تكون المساقاة إلى أجل معلوم وأقله وقت جذاذ ما انعقدت عليه، فإن تكررت غلات النبات وانفصل بعضها عن بعض فلا يدخل ما عدا الأول إلا بالشرط، وإن لم ينفصل بعضها عن بعض شمل العقد الجميع، لكن لا تجوز المساقاة على ما عدا الأول استقلالا، ولا يحتج على عدم اشتراط الأجل بما سبق في مرسل سعيد بن المسيب الذي في الموطإ:«أقركم فيها ما أقركم الله ﷿»، قال ابن عبد البر في الاستذكار (٧/ ٤٠)